@ 211 @ على الشيء : أعجزته عنه وغلبته عليه ولم تمكنه منه ، والمعنى : { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَن نُّبَدّلَ أَمْثَالَكُمْ } : أي نحن قادرون على ذلك ، لا تغلبوننا عليه ، إن أردنا ذلك . وقال الطبري : المعنى نحن قادرون ، { قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ } ، { عَلَى أَن نُّبَدّلَ أَمْثَالَكُمْ } : أي بموت طائفة ونبدلها بطائفة ، هكذا قرناً بعد قرن . انتهى . فعلى أن نبدل متعلق بقوله : { نَحْنُ قَدَّرْنَا } ، وعلى القول الأول متعلق { بِمَسْبُوقِينَ } ، أي لا نسبق . { عَلَى أَن نُّبَدّلَ أَمْثَالَكُمْ } ، وأمثالكم جمع مثل ، { وَنُنشِئَكُمْ * فِيمَا * لاَ تَعْلَمُونَ } من الصفات : أي نحن قادرون على أن نعدمكم وننشىء أمثالكم ، وعلى تغيير أوصافكم مما لا يحيط به فكركم . وقال الحسن : من كونكم قردة وخنازير ، قال ذلك لأن الآية تنحو إلى الوعيد . ويجوز أن يكون { أَمْثَالَكُم } جمع مثل بمعنى الصفة ، أي نحن قادرون على أن نغير صفاتكم التي أنتم عليها خلقاً وخلقاً ، { وَنُنشِئَكُمْ } في صفات لا تعلمونها . .
{ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الاْولَى } : أي علمتم أنه هو الذي أنشأكم ، أولاً أنشأنا إنساناً . وقيل : نشأة آدم ، وأنه خلق من طين ، ولا ينكرها أحد من ولده . { فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } : حض على التذكير المؤدي إلى الإيمان والإقرار بالنشأة الآخرة . وقرأ الجمهور : تذكرون بشد الذال ؛ وطلحة يخفها وضم الكاف ، قالوا : وهذه الآية دالة على استعمال القياس والحض عليه . انتهى ، ولا تدل إلا على قياس الأولى ، لا على جميع أنواع القياس . { أَفَرَءيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } : ما تذرونه في الأرض وتبذرونه ، { تَزْرَعُونَهُ أَمْ } : أي زرعاً يتم وينبت حتى ينتفع به ، والحطام : اليابس المتفتت الذي لم يكن له حب ينتفع به . { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } ، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : تعجبون . وقال عكرمة : تلاومون . وقال الحسن : تندمون . وقال ابن زيد : تنفجعون ، وهذا كله تفسير باللازم . ومعنى تفكهون : تطرحون الفكاهة عن أنفسكم وهي المسرة ، ورجل فكه : منبسط النفس غير مكترث بشيء ، وتفكه من أخوات تخرج وتحوب . وقرأ الجمهور : { فَظَلْتُمْ } ، بفتح الظاء ولام واحدة ؛ وأبو حيوة وأبو بكر في رواية القيكي عنه : بكسرها . كما قالوا : مست بفتح الميم وكسرها ، وحكاها الثوري عن ابن مسعود ، وجاءت عن الأعمش . وقرأ عبد الله والجحدري : فظللتم على الأصل ، بكسر اللام . وقرأ الجحدري أيضاً : بفتحها ، والمشهور ظللت بالكسر . وقرأ الجمهور : { تَفَكَّهُونَ } ؛ وأبو حرام : بالنون بدل الهاء . قال ابن خالويه : تفكه : تعجب ، وتفكن : تندم . { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } ، قبله محذوف : أي يقولون . وقرأ الجمهور : إنا ؛ والأعمش والجحدري وأبو بكر : أئنا بهمزتين ، { لَمُغْرَمُونَ } : أي معذبون من الغرام ، وهو أشد العذاب ، قال : % ( إن يعذب يكن غراماً وإن % .
يعط جزيلاً فإنه لا يبالي .
) % .
.
أو لمحملون الغرم في النفقة ، إذ ذهب عنا غرم الرجل وأغرمته . { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } : محدودون ، لاحظ لنا في الخير . { الْمَاء الَّذِى تَشْرَبُونَ } : هذا الوصف يغني عن وصفه بالعذاب . ألا ترى مقابله ، وهو الأجاج ؟ ودخلت اللام في { لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً } ، وسقطت في قوله : { جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً } ، وكلاهما فصيح . وطول الزمخشري في مسوغ ذلك ، وملخصه : أن الحرف إذا كان في مكان ، وعرف واشتهر في ذلك المكان ، جاز حذفه لشهرة أمره . فإن اللام علم لارتباط الجملة الثانية بالأولى ، فجاز حذفه استغناء بمعرفة السامع . وذكر في كلامه أن الثاني امتنع لامتناع الأول ، وليس كما ذكر ، إنما هذا قول ضعفاء المعربين . والذي ذكره سيبويه : أنها حرف لما كان سيقع لوقوع الأول . ويفسد قول أولئك الضعفاء قولهم : لو كان إنساناً لكان حيواناً ، فالحيوانية لا تمتنع لامتناع الإنسانية . ثم قال : ويجوز أن يقال : إن هذه اللام مفيدة معنى التوكيد لا محالة ، وأدخلت في آية المطعوم دون آية المشروب للدلالة على أن أمر المطعوم مقدم على أمر المشروب ، وأن الوعيد بفقده أشد وأصعب من قبل أن المشروب إنما يحتاج إليه تبعاً للمطعوم ، ولهذا قدمت آية المطعوم على آية المشروب . والظاهر أن { شَجَرَتَهَا } ، المراد منه الشجر الذي يقدح منه النار . وقيل : المراد بالشجرة نفس النار ، كأنه يقول : نوعها أو جنسها ،