@ 181 @ وهارون وغيرهما من الأنبياء ، لأنهما عرضا عليهم ما أنذر به المرسلون ، أو يكون جمع نذير المصدر بمعنى الإنذار . { كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا } هي التسع ، والتوكيد هنا كهو في قوله : { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ ءايَاتِنَا كُلَّهَا } . والظاهر أن الضمير في : { كَذَّبُواْ } ، وفي : { فَأَخَذْنَاهُمْ } عائد على آل فرعون . وقيل : هو عائد على جميع من تقدم من الأمم ذكره ، وتم الكلام عند قوله : { النُّذُرُ } . { فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ } : لا يغالب ، { مُّقْتَدِرٍ } : لا يعجز شيء . { أَكُفَّارُكُمْ } : خطاب لأهل مكة ، { خَيْرٌ مّنْ أُوْلَئِكُمْ } : الإشارة إلى قوم نوح وهود وصالح ولوط ، وإلى فرعون ، والمعنى : أهم خير في القوّة وآلات الحروب والمكانة في الدنيا ، أو أقل كفؤاً وعناداً ؟ فلأجل كونهم خيراً لا يعاقبون على الكفر بالله ، وقفهم على توبيخهم ، أي ليس كفاركم خيراً من أولئكم ، بل هم مثلهم أو شرّ منهم ، وقد علمتم ما لحق أولئك من الهلاك المستأصل لما كذبوا الرسل . { أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِى الزُّبُرِ } : أي ألكم في الكتب الإلهية براءة من عذاب الله تعالى ؟ قاله الضحاك وعكرمة وابن زيد . .
{ أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ } أي واثقون بجماعتنا ، منتصرون بقوتنا ، تقولون ذلك على سبيل الإعجاب بأنفسكم . وقرأ الجمهور : أم يقولون ، بياء الغيبة التفاتاً ، وكذا ما بعده للغائب . وقرأ أبو حيوة وموسى الأسواري وأبو البرهشيم : بتاء الخطاب للكفار ، اتباعا لما تقدم من خطابهم . وقرأوا : ستهزم الجمع ، بفتح التاء وكسر الزاي وفتح العين ، خطاباً للرسول صلى الله عليه وسلم ) ؛ وأبو حيوة أيضاً ويعقوب : بالنون مفتوحة وكسر الزاي وفتح العين ؛ والجمهور : بالياء مبنياً للمفعول ، وضم العين . وعن أبي حيوة وابن أبي عبلة أيضاً : بفتح الياء مبنياً للفاعل ونصب العين : أي سيهزم الله الجمع . والجمهور : { وَيُوَلُّونَ } بياء الغيبة ؛ وأبو حيوة وداود بن أبي سالم ، عن أبي عمرو : بتاء الخطاب . والدبر هنا : اسم جنس ، وجاء في موضع آخر { لَيُوَلُّنَّ الاْدْبَارَ } ، وهو الأصل ، وحسن اسم الجنس هنا كونه فاصلة . وقال الزمخشري : { وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } : أي الأدبار ، كما قال : كلوا في بعض بطنكم تعفوا . وقرىء : الأدبار . انتهى ، وليس مثل بطنكم ، لأن مجيء الدبر مفرداً ليس بحسن ، ولا يحسن لإفراد بطنكم . وفي قوله تعالى : { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ } عدة من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ) بهزيمة جمع قريش ؛ والجمهور : على أنها مكية ، وتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ) مستشهداً بها . وقيل : نزلت يوم بدر . .
{ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } : انتقل من تلك الأقوال إلى أمر الساعة التى عذابها أشد عليهم من كل هزيمة وقتال . { وَالسَّاعَةُ أَدْهَى } : أي أفظع وأشد ، والداهية الأمر : المنكر الذي لا يهتدى لدفعه ، وهي الرزية العظمى تحل بالشخص . { وَأَمَرُّ } من المرارة : استعارة لصعوبة الشيء على النفس . { إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِى ضَلَالٍ } : أي في حيرة وتخبط في الدنيا . { وَسُعُرٍ } : أي احتراق في الآخرة ، جعلوا فيه من حيث مصيرهم إليه . وقال ابن عباس : وخسران وجنون ، والسعر : الجنون ، وتقدم مثله في قصة صالح عليه السلام . { يَوْمَ يُسْحَبُونَ } : يجرون { فِى النَّارِ } ، وفي قراءة عبد الله : إلى النار . { عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ } : أي مقولاً لهم : { ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ } . وقرأ محبوب عن أبي عمرو : مسقر ، بإدغام السين في السين . قال ابن مجاهد : إدغامه خطأ لأنه مشدد . انتهى . والظن بأبي عمرو أنه لم يدغم حتى حذف إحدى السينين لاجتماع الأمثال ، ثم أدغم . .
{ إِنَّا كُلَّ شَىْء خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } ، قراءة الجمهور : كل شيء بالنصب . وقرأ أبو السمال ، قال ابن عطية وقوم من أهل السنة : بالرفع . قال أبو الفتح : هو الوجه في العربية ، وقراءتنا بالنصب مع الجماعة . وقال قوم : إذا كان الفعل يتوهم فيه الوصف ، وأن ما بعده يصلح للخبر ، وكان المعنى على أن يكون الفعل هو الخبر ، اختير النصب في الاسم الأول حتى يتضح أن الفعل ليس بوصف ، ومنه هذا الموضع ، لأن في قراءة الرفع يتخيل أن الفعل وصف ، وأن الخبر يقدر . فقد