@ 81 @ وإحكامها كونها لا تنسخ . قال قتادة : كل سورة فيها القتال ، فهي محكمة من القرآن ، لا بخصوصية هذه الآية ، وذلك أن القتال نسخ ما كان من المهادنة والصلح ، وهو غير منسوخ إلى يوم القيامة . وقيل : محكمة بالحلال والحرام . وقيل : محكمة أريدت مدلولات ألفاظها على الحقيقة دون المتشابه الذي أريد به المجاز ، نحو قوله : { عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } ، { فِى جَنبِ اللَّهِ } ، { فَضَرْبَ الرّقَابِ } . .
{ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ } : أي تشخص أبصارهم جبناً وهلعاً . { نَظَرَ الْمَغْشِىّ عَلَيْهِ } : أي نظراً كما ينظر من أصابته الغشية من أجل حلول الموت . وقيل : يفعلون ذلك ، وهو شخوص البصر إلى الرسول من شدة العداوة . وقيل : من خشية الفضيحة ، فإنهم إن يخالفوا عن القتال افتضحوا وبان نفاقهم . وأولى لهم : تقدم شرحه في المفردات . وقال قتادة : كأنه قال : العقاب أولى لهم . وقيل : وهم المكروه ، وأولى وزنها أفعل أو أقلع على الاختلاف ، لأن الاستفعال الذي ذكرناه في المفردات . فعلى قول الجمهور : إنه اسم يكون مبتدأ ، والخبر لهم . وقيل : أولى مبتدأ ، ولهم من صلته وطاعة خبر ؛ وكأن اللام بمعنى الباء ، كأنه قيل : فأولى بهم طاعة . ولم يتعرض الزمخشري لإعرابه ، وإنما قال : ومعناه الدعاء عليهم بأن يليه المكروه . وعلى قول الأصمعي : أنه فعل يكون فاعله مضمراً يدل عليه المعنى . وأضمر لكثرة الاستعمال كأنه قال : قارب لهم هو ، أي الهلاك . قال ابن عطية : والمشهور من استعمال العرب أولى لك فقط على جهة الحذف والاختصار ، لما معها من القوة ، فيقول ، على جهة الزجر والتوعد : أولى لك يا فلان . وهذه الآية من هذا الباب . ومنه قوله : { أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى } . وقول الصديق للحسن رضي الله عنهما : أولى لك انتهى . .
والأكثرون على أن : { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } كلام مستقل محذوف منه أحد الجزأين ، إما الخبر وتقديره : أمثل ، وهو قول مجاهد ومذهب سيبويه والخليل ؛ وإما المبتدأ وتقديره : الأمر أو أمرنا طاعة ، أي الأمر المرضي لله طاعة . وقيل : هي حكاية قولهم ، أي قالوا طاعة ، ويشهد له قراءة أبيّ يقولون : { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } ، وقولهم هذا على سبيل الهزء والخديعة . وقال قتادة : الواقف على : { فَأَوْلَى لَهُمْ * طَاعَةٌ } ابتداء وخبر ، والمعنى : أن ذلك منهم على جهة الخديعة . وقيل : طاعة صفة لسورة ، أي فهي طاعة ، أي مطاعة . وهذا القول ليس بشيء لحيلولة الفصل لكثير بين الصفة والموصوف . { فَإِذَا عَزَمَ الاْمْرُ } : أي جد ، والعزم : لم الجد ، وهو لأصحاب الأمر . واستعير للأمر ، كما قال تعالى : { لَمِنْ عَزْمِ الاْمُورِ } . وقال الشاعر : % ( قد جدت بهم الحرب فجدوا والظاهر أن جواب إذاً قوله : { فَلَوْ صَدَقُواْ اللَّهَ } ، كما تقول : إذا كان الشتاء ، فلو جئتني لكسوتك . وقيل : الجواب محذوف تقديره : فإذا عزم الأمر هو أو نحوه ، قاله قتادة . ومن حمل { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } ، على أنهم يقولون ذلك خديعة قدّرناه { عَزَمَ الاْمْرُ } ، فاقفوا وتقاضوا ، وقدره أبو البقاء فأصدّق ، { فَلَوْ صَدَقُواْ اللَّهَ } فيما زعموا من حرصهم على الجهاد ، أو في إيمانهم ، وواطأت قلوبهم فيه ألسنتهم ، أو في قلوبهم { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } . { فَهَلْ عَسَيْتُمْ } : التفات اللذين في قلوبهم مرض ، أقبل بالخطاب عليهم على سبيل التوبيخ وتوقيفهم على سوء مرتكبهم ، وعسى تقدّم الخلاف في لغتها . وفي القراءة فيها ، إذا اتصل بها ضمير الخطاب في سورة البقرة ، واتصال الضمير بها لغة الحجاز ، وبنو تميم لا يلحقون بها الضمير . وقال أبو عبد الله الرازي : وقد ذكروا أن عسى يتصل بها ضمير الرفع وضمير النصب ، وأنها لا يتصل بها ضمير قال : وأما قول من قال : عسى أنت تقوم ، وعسى أنا أقوم ، فدون ما ذكر تطويل الذي فيه . انتهى . ولا أعلم أحداً من نقلة العرب ذكر انفصال الضمير بعد عسى ، وفصل بين عسى وخبرها بالشرط ، وهو أن توليتم . % .
وقرأ الجمهور : { إِن تَوَلَّيْتُمْ } ، ومعناه إن