@ 74 @ نزل مبنياً للمفعول ؛ وزيد بن علي ، وابن مقسم : نزل مبنياً للفاعل ؛ والأعمش : أنزل معدى بالهمزة مبنياً للمفعول . وقرىء : نزل ثلاثياً . { كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } : أي حالهم ، قاله قتادة ؛ وشأنهم ، قاله مجاهد ؛ وأمرهم ، قاله ابن عباس . وحقيقة لقظ البال أنها بمعنى الفكر ، والموضع الذي فيه نظر الإنسان وهو القلب . فإذا صلح ذلك ، فقد صلحت حاله ، فكأن اللفظ مشير إلى صلاح عقيدتهم ، وغير ذلك من الحال تابع . .
{ ذالِكَ } : إشارة إلى ما فعل بالكفار من إضلال أعمالهم ، وبالمؤمنين من تكفير سيآتهم وإصلاح حالهم . وذلك مبتدأ وما بعده الخبر ، أي كائن بسبب اتباع هؤلاء الباطل وهؤلاء الحق . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ذلك خبر مبتدأ محذوف تقديره الأمر ذلك ، أي كما ذكر بهذا السبب ، فيكون محل الجار والمجرور منصوباً . انتهى . ولا حاجة إلى الإضمار مع صحة الوجه وعدم الإضمار . والباطل : ما لا ينتفع به . وقال مجاهد : الشيطان وكل ما يأمر به ؛ والحق : هو الرسول والشرع ، وهذا الكلام تسميه علماء البيان : التفسير . { كَذالِكَ يَضْرِبُ } : قال ابن عطية : الإشارة إلى اتباع المذكورين من الفريقين ، أي كما اتبعوا هذين السبيلين ، كذلك يبين أمر كل فرقة ، ويجعل لها ضربها من القول وصفها ؛ وضرب المثل من الضرب الذي هو بمعنى النوع . وقال الزمخشري : كذلك ، أي مثل ذلك الضرب . { يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } لأجل الناس ليعتبروا بهم . فإن قلت : أين ضرب الأمثال ؟ قلت : في أن جعل اتباع الباطل مثلاً لعمل الكفار ، واتباع الحق مثلاً لعمل المؤمنين ؛ أو في أن جعل الإضلال مثلاً لخيبة الكفار ، وتكفير السيئآت مثلاً لفوز المؤمنين . .
{ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ } : أي في أي زمان لقيمتوهم ، فاقتلوهم . وفي قوله : { فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } ، أي في أي مكان ، فعم في الزمان وفي المكان . وقال الزمخشري : لقيتم ، من اللقاء ، وهو الحرب . انتهى . { فَضَرْبَ الرّقَابِ } : هذا من المصدر النائب مناب فعل الأمر ، وهم مطرد فيه ، وهو منصوب بفعل محذوف فيه ، واختلف فيه إذا انتصب ما بعده فقيل : هو منصوب بالفعل الناصب للمصدر ؛ وقيل : هو منصوب بنفس المصدر لنيابته عن العامل فيه ، ومثاله : ضرباً زيداً ، كما قال الشاعر : % ( على حين ألهى الناس جل أمورهم % .
فندلاً زريق المال ندل الثعالب .
) % .
.
وهذا هو الصحيح ، ويدل على ذلك قوله : { فَضَرْبَ الرّقَابِ } ، وهو إضافة المصدر للمفعول ، ولو لم يكن معمولاً له ، ما جازت إضافته إليه . وضرب الرقاب عبارة عن القتل ؛ ولما كان القتل للإنسان أكثر ما يكون بضرب رقبته ، عبر بذلك عن القتل ، ولا يراد خصوصية الرقاب ، فإنه لا يكاد تتأتى حالة الحرب أن تضرب الرقاب ، وإنما يتأتى القتال في أي موضع كان من الأعضاء . ويقال : ضرب الأمير رقبة فلان ، وضرب عنقه وعلاوته وما فيه عيناه ، إذا قتله ، كما عبر بقوله : { بِمَا كَسَبَتْ * أَيْدِيكُم } عن سائر الأفعال ، لما كان أكثر الكسب منسوباً إلى الأيدي . قال الزمخشري : وفي هذه العبارة من الغلظة والشدة ما ليس في لفظ القتل ، لما فيه من تصوير القتل بأشنع صورة ، وهو حز العنق وإطارة العضو الذي هو رأس البدن وعلوه وأوجه أعضائه . وقد زاد في هذه في قوله : { فَوْقَ الاعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } . انتهى . ولما في ذلك من تشجيع المؤمنين ، وأنهم من الكفار بحيث هم متمسكون منهم إذا أمروا بضرب رقابهم . { حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ } : أي أكثرتم القتل فيهم ، وهذه غاية للضرب ، فإذا وقع الإثخان وتمكنوا من أخذ من لم يقتل وشدوا وثاق الأسرى ، { فَإِمَّا مَنًّا } بالإطلاق ، { وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } : أي أثقالها وآلاتها . ومنه قول عمرو بن معدي كرب :