@ 474 @ في موضع جر على أنه بدل اشتمال من ما في قوله : بما أنزل الله ، أي بتنزيل الله ، فيكون مثل قول الشاعر : .
أمن ذكر سلمى أن نأتك تنوص .
وقرأ أبو عمرو وابن كثير : جميع المضارع مخففاً من أنزل ، إلا ما وقع الإجماع على تشديده ، وهو في الحجر ، { وَمَا نُنَزّلُهُ } ، إلا أن أبا عمرو شدد على أن ننزل آية في الأنعام ، وابن كثير شدد { وَنُنَزّلُ مِنَ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاء } ، { حَتَّى تُنَزّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا } ، وشدد الباقون المضارع حيث وقع إلا حمزة والكسائي فخففا ، { وَيُنَزّلُ الْغَيْثَ } ، في آخر لقمان ، { وَهُوَ الَّذِى يُنَزّلُ الْغَيْثَ } ، في الشورى . والهمزة والتشديد كل منهما للتعدية . وقد ذكروا مناسبات لقراآت القراء واختياراتهم ولا تصح . { مِن فَضْلِهِ } : من لابتداء الغاية ، والفضل هنا الوحي والنبوة . وقد جوّز بعضهم أن تكون من زائدة على مذهب الأخفش ، فيكون في موضع المفعول ، أي أن ينزل الله فضله . { عَلَى } من يشاء . على متعلقة بينزل ، والمراد بمن يشاء : محمد صلى الله عليه وسلم ) ، لأنهم حسدوه لما لم يكن منهم ، وكان من العرب ، وعز النبوة من يعقوب إلى عيسى عليهم الصلاة والسلام كان في إسحاق ، فختم في عيسى ، ولم يكن من ولد إسماعيل نبي غير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ) ، فختمت النبوة على غيرهم ، وعدموا العز والفضل . و { مِنْ } هنا موصولة ، وقيل نكرة موصوفة . و { يَشَاء } على القول الأول : صلة ، فلا موضع لها من الإعراب ، وصفة على القول الثاني ، فهي في موضع خفض ، والضمير العائد على الموصول أو الموصوف محذوف تقديره يشاؤه . { مِنْ عِبَادِهِ } : جار ومجرور في موضع الحال ، تقديره كائناً من عباده ، وأضاف العباد إليه تشريفاً لهم ، كقوله تعالى : { وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ } ، { وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا } . .
{ * فباؤوا } : أي مضوا ، وتقدم معنى باؤوا . { فَبَاءو بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ } : أي مترادف متكاثر ، ويدل ذلك على تشديد الحال عليهم . وقيل : المراد بذلك : غضبان معللان بقصتين : الغضب الأول : لعبادة العجل ، والثاني : لكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ) ، قاله ابن عباس . أو الأول : كفرهم بالإنجيل ، والثاني : كفرهم بالقرآن ، قاله قتادة . أو الأول : كفرهم بعيسى ، والثاني : كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ) ، قاله الحسن وغيره ، أو الأول : قولهم عزير ابن الله ، وقولهم يد الله مغلولة ، وغير ذلك من أنواع كفرهم ، والثاني : كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ) . { وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } : الألف واللام في الكافرين للعهد ، وأقام المظهر مقام المضمر إشعاراً بعلة كون العذاب المهين لهم ، إذ لو أتى ، ولهم عذاب مهين ، لم يكن في ذلك تنبيه على العلة ، أو تكون الألف واللام للعموم ، فيندرجون في الكافرين . ووصف العذاب بالإهانة ، وهي الإذلال ، قال تعالى : { وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ } . وجاء في الصحيح ، في حديث عبادة ، وقد ذكر أشيائ محرّمة فقال : ( فمن أصاب شيئاً من ذلك فعوقب به فهو كفارة له ) . فهذا العذاب إنما هو لتكفير السيئات ، أو لأنه يقتضي الخلود خلوداً لا ينقطع ، أو لشدته وعظمته واختلاف أنواعه ، أو لأنه جزاء على تكبرهم عن اتباع الحق . وقد احتج الخوارج بهذه الآية على أن الفاسق كافر ، لأنه ثبت تعذيبه ، واحتج بها المرجئة على أن الفاسق لا يعذب لأنه ليس بكافر . .
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } : الإخبار عمن بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) من اليهود ، وسياق الآية يدل على أن المراد آباؤهم ، لأنهم هم الذين قتلوا الأنبياء ، وحسن ذلك أن الراضي بالشيء كفاعله ، وأنهم جنس واحد ، وأنهم متبعون لهم ومعتقدون ذلك ، وأنهم يتولونهم ، فهم منهم . { بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ } ، الجمهور : إنها لقرآن ، وقال الزمخشري : مطلق فبما أنزل الله من كل كتاب . { قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا } : يريدون التوراة ، وما جاءهم من الرّسالات على لسان موسى ،