@ 19 @ وقتادة : المتوعد هم الأمة ، أكرم الله تعالى نبيه عن أن ينتقم منهم في حياته ، كما انتقم من أمم الأنبياء في حياتهم ، فوقعت النقمة منهم بعد موته عليه السلام في العين الحادثة في صدر الإسلام ، مع الخوارج وغيرهم . وقرىء : نرينك بالنون الخفيفة . ولما ردد تعالى بين حياته وموته صلى الله عليه وسلم ) ، أمره بأن يستمسك بما أوحاه إليه . وقرأ الجمهور : أوحى مبنياً للمفعول ، وبعض قراء الشام : بإسكان الياء ، والضحاك : مبنياً للفاعل ، وأنه ، أي وإن ما أوحينا إليك ، { لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } : أي شرف ، حيث نزل عليهم وبلسانهم ، جعل تبعاً لهم . والقوم على هذا قريش ثم العرب ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد . كان عليه السلام يعرض نفسه على القبائل ، فإذا قالوا له : لمن يكون الأمر بعدك ؟ سكت ، حتى نزلت هذه الآية . فكان إذا سئل عن ذلك قال : ( لقريش ) ، فكانت العرب لا تقبل حتى قبلته الأنصار . وقال الحسن : القوم هنا أمّته ، والمعنى : وإنه لتذكرة وموعظة . قيل : وهذه الآية تدل على أن الإنسان يرغب في الثناء الحسن الجميل ، ولو لم يكن ذلك مرغوباً فيه ، ما امتن به تعالى على رسوله فقال : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } . وقال إبراهيم عليه السلام : { وَاجْعَل لّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى الاْخِرِينَ } . والذكر الجميل قائم مقام الحياة ، بل هو أفضل من الحياة ، لأن أثر الحياة لا يحصل إلا في الحي ، وأثر الذكر الجميل يحصل في كل مكان ، وفي كل زمان . انتهى . وقال ابن دريد : % ( وإنما المراد حديث بعده % .
فكن حديثاً حسناً لمن وعى .
) % .
.
وقال الآخر : % ( إنما الدنيا محاسنها % .
طيب ما يبقى من الخبر .
) % .
.
وذكر أن هلاون ، ملك التتر ، سأل أصحابه : من الملك ؟ فقالوا : أنت الذي دوخت البلاد وملكت الأرض وطاعت لك الملوك . فقال : لا الملك هذا ، وكان المؤذن إذ ذاك يؤذن ، هذا الذي له أزيد من ستمائة سنة ، قد مات وهو يذكر على المآذن في كل يوم خمس مرات ؟ يريد محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . { وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ } ، قال الحسن عن شكر هذه النعمة . وقال مقاتل : المراد من كذب به يسأل سؤال توبيخ . { وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا } ، قيل : هو على ظاهره ، وأن جبريل عليه السلام قال له ليلة الإسراء ، حين أم بالأنبياء : { وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا } ، فلم يسألهم ، إذ كان أثبت يقيناً ، ولم يكن في شك . وروي ذلك عن ابن عباس ، وابن جبير ، والزهري ، وابن زيد ، وفي الأثر أن ميكال قال لجبريل : هل سأل محمد عن ذلك ؟ فقال : هو أعظم يقيناً وأوثق إيماناً من أن يسأله ذلك . وقال ابن عباس أيضاً ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، وعطاء : أرادوا سأل أتباع من أرسلنا وحملة شرائعهم ، إذ يستحيل سؤال الرسل أنفسهم ، وليسوا مجتمعين في الدنيا . قال الفراء : هم إنما يخبرونه عن كتب الرسل ، فإذا سألهم ، فكأنه سأل الرسل ، والسؤال الواقع مجاز عن النظر ، حيث لا