@ 8 @ كالسد والسد . وانتصاب صفحاً على أنه مصدر من معنى أفنضرب ، لأن معناه : أفنصفح ؟ أو مصدر في موضع الحال ، أي صافحين ، قالهما الحوفي ، وتبعه أبو البقاء . وقال الزمخشري : وصفحاً على وجهين : إما مصدر من صفح عنه ، إذا أعرض منتصباً على أنه مفعول له على معنى : أفنعزل عنكم إنزال القرآن وإلزام الحجة به إعراضاً عنكم ؟ وإما بمعنى الجانب من قولهم : نظر إليه بصفح وجهه . وصفح وجهه على معنى : أفننحيه عنكم جانباً ؟ فينصب على الظرف ، كما تقول : ضعه جانباً ، وامش جانباً . وتعضده قراءة من قرأ صفحاً بالضم . وفي هذه القراءة وجه آخر ، وهو أن يكون تخفيف صفح جمع صفوح ، وينتصب على الحال ، أي صافحين معرضين . وقال ابن عطية : صفحاً ، انتصابه كانتصاب صنع الله . انتهى . يعني أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة السابقة ، فيكون العامل فيه محذوفاً ، ولا يظهر هذا الذي قاله ، فليس انتصابه انتصاب صنع الله . وقرأ نافع والإخوان : بكسر الهمزة ، وإسرافهم كان متحققاً . فكيف دخلت عليه إن الشرطية التي لا تدخل إلا على غير المتحقق ، أو على المتحقق الذي أنبهم زمانه ؟ قال الزمخشري : هو من الشرط الذي ذكرت أنه يصدر عن المدل بصحة الأمر المتحقق لثبوته ، كما يقول الأجير : إن كنت عملت لك فوفني حقي ، وهو عالم بذلك ، ولكنه يخيل في كلامه أن تفريطك في الخروج عن الحق فعل من له شك في الاستحقاق ، مع وضوحه ، استجهالاً له . وقرأ الجمهور : أن بفتح الهمزة ، أي من أجل أن كنتم . قال الشاعر : % ( أتجزع أن بان الخليط المودع وقرأ زيد بن علي : إذ كنتم ، بذال مكان النون ، لما ذكر خطاباً لقريش ، { أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذّكْرَ } ؟ وكان هذا الإنكار دليلاً على تكذيبهم للرسول ، وإنكاراً لما جاء به . آنسه تعالى بأن عادتهم عادة الأمم السابقة من استهزائهم بالرسل ، وأنه تعالى أهلك من كان أشد بطشاً من قريش ، أي أكثر عدَداً وعُدداً وجلداً . { وَمَضَى مَثَلُ الاْوَّلِينَ } : أي فليحذر قريش أن يحل بهم مثل ما حل بالأولين مكذبي الرسل من العقوبة . قال معناه قتادة : وهي العقوبة التي سارت سير المثل ، وقيل : مثل الأولين في الكفر والتكذيب ، وقريش سلكت مسلكها ، وكان مقبلاً عليهم بالخطاب في قوله : { أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ } ؟ فأعرض عنهم إلى إخبار الغائب في قوله : { فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً } . % .
{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } : احتجاج على قريش بما يوجب التناقض ، وهو إقرارهم بأن موجد العالم العلوي والسفلي هو الله ، ثم هم يتخذون أصناماً آلهة من دون الله يعبدونهم ويعظمونهم . قال ابن عطية : ومقتضى الجواب أن يقولوا خلقهن الله ، فلما ذكر تعالى المعنى ، جاءت العبارة عن الله تعالى بالعزيز العليم ، ليكون ذلك توطئة لما عدد من أوصافه الذي ابتدأ الإخبار بها ، وقطعها من الكلام الذي حكى معناه عن قريش . انتهى . وقال الزمخشري : لينسبن خلقها إلى الذي هذه أوصافه ، وليسندنه إليه . انتهى . والظاهر أن : { خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ } نفس المحكى من كلامهم ، ولا يدل كونهم ذكروا في مكان خلقهن الله ، أن لا يقولوا في سؤال آخر : { خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ } . .
و { الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ } : من كلام الله ، خطاباً لهم بتذكير نعمه السابقة . وكرر الفعل في الجواب في قوله : { خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ } ، مبالغة في التوكيد . وفي غير ما سؤال ، اقتصروا على ذكر اسم الله ، إذ هو العلم الجامع للصفات العلا ، وجاء الجواب مطابقاً للسؤال من حيث المعنى ، لا من حيث اللفظ ، لأن من مبتدأ . فلو طابق في اللفظ ، كان بالاسم مبتدأ ، ولم يكن بالفعل . { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } : أي إلى مقاصدكم في السفر ، أو تهتدون بالنظر والاعتبار . بقدر : أي بقضاء وحتم في الأزل ، أو بكفاية ، لا كثيراً فيفسد ، ولا قليلاً فلا يجدي . { فَأَنشَرْنَا } : أحيينا به . { بَلْدَةً مَّيْتاً } : ذكر على معنى القطر ، وبلدة اسم جنس . وقرأ أبو جعفر وعيسى : ميتاً بالتشديد . وقرأ الجمهور : تخرجون : مبنياً للمفعول ؛ وابن وثاب ، وعبد الله بن جبير المصبح ، وعيسى ، وابن عامر ، والإخوان : مبنياً للفاعل . و { الاْزْواجَ } : الأنواع من كل شيء . قيل : وكل ما سوى الله فهو زوج ، كفوق ، وتحت ، ويمين ، وشمال ، وقدام ، وخلف ، وماض ، ومستقبل ، وذوات ، وصفات ، وصيف ، وشتاء ، وربيع ، وخريف ؛ وكونها أزواجاً تدل على أنها ممكنة الوجود ، ويدل على أن محدثها فرد ، وهو الله المنزه عن الضد والمقابل