@ 489 @ .
وقال آخر : .
وقتلى كمثل جذوع النخيل تغشاهم مسبل منهمر % ( سعد بن زيد إذا أبصرت فضلهم % .
ما إن كمثلهم في الناس من أحد .
.
) % .
فجرت الآية في ذلك على نهج كلام العرب من إطلاق المثل على نفس الشيء . وما ذهب إليه الطبري وغيره من أن مثلاً زائدة للتوكيد كالكاف في قوله : .
فأصبحت مثل كعصف مأكول .
وقوله : .
وصاليات ككما يؤثفين .
ليس بجيد ، لأن مثلاً اسم ، والأسماء لا تزاد ، بخلاف الكاف ، فإنها حرف ، فتصلح للزيادة . ونظير نسبة المثل إلى من لا مثل له قولك : فلان يده مبسوطة ، يريد أنه جواد ، ولا نظير له في الحقيقة إلى اليد حتى تقول ذلك لمن لا يد له ، كقوله : { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } . فكما جعلت ذلك كناية عن الجواد فيمن لا يد له ، فكذلك جعلت المثل كناية عن الذوات في من لا مثل له . ويحتمل أيضاً أن يراد بالمثل الصفة ، وذلك سائغ ، يطلق المثل بمعنى المثل وهو الصفة ، فيكون المعنى : ليس مثل صفته تعالى شيء من الصفات التي لغيره ، وهذا محمل سهل ، والوجه الأول أغوص . قال ابن قتيبة : العرب تقيم المثال مقام النفس ، فيقول : مثلي لا يقال له هذا ، أي أنا لا يقال لي هذا . انتهى . فقد صار ذلك كناية عن الذات ، فلا فرق بين قولك : ليس كالله شيء ، أو ليس كمثل الله شيء . وقد أجمع المفسرون على أن الكاف والمثل يراد بهما موضوعهما الحقيقي من أن كلاً منهما يراد به التشبيه ، وذلك محال ، لأن فيه إثبات مثل لله تعالى ، وهو محال . { وَهُوَ السَّمِيعُ } لأقوال الخلق ، { البَصِيرُ } لأعمالهم . وتقدم تفسير : { مَقَالِيدُ * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ } في سورة الزمر ؛ وقرىء : { وَيَقْدِرُ } : أي يضيق . { إِنَّهُ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ } : أي يوسع لمن يشاء ، ويضيق على من يشاء . وقال الزمخشري : فإذا علم أن الغنى خير للعبد أغناه لا أفقره . انتهى ، وفيه دسيسة الاعتزال . .
{ شَرَعَ لَكُم مّنَ الِدِينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُواْ } . .
لما عدد تعالى نعمه عليهم الخاصة ، أتبعه بذكر نعمه العامة ، وهو ما شرع لهم من العقائد المتفق عليها ، من توحيد الله وطاعته ، والإيمان برسله وبكتبه وباليوم الآخر ، والجزاء فيه . ولما كان أول الرسل نوح عليه السلام ، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ) ، قال : { مَا * وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } ، ثم أتبع ذلك ما وصى به إبراهيم ، إذ كان أبا العرب ، ففي ذلك هزلهم وبعث على ابتاع طريقته