@ 430 @ .
أعربا حاميم ، ومنعت الصرف للعلمية ، أو العلمية وشبه العجمة ، لأن فاعيل ليس من أوزان أبنية العرب ، وإنما وجد ذلك في العجم ، نحو : قابيل وهابيل . وتقدم فيما روي في الحديث جمع حم على الحواميم ، كما جمع طس على الطواسين . وحكى صاحب زاد المسير عن شيخه ابن منصور اللغوي أنه قال : من الخطأ أن تقول : قرأت الحوامي ، وليس من كلام العرب ؛ والصواب أن يقول : قرأت آل حم . وفي حديث ابن مسعود : ( إذا وقعت في آل حميم وقعت في روضات دمثات ) انتهى . فإن صح من لفظ الرسول أنه قال : ( الحواميم كان حجة على من منع ذلك ) ، وإن كان نقل بالمعنى ، أمكن أن يكون من تحريف الأعاجم . ألا ترى لفظ ابن مسعود : ( إذا وقعت في آل حميم ) ، وقول الكميت : وجدنا لكم في آل حاميم ؟ وتقدم الكلام على هذه الحروف المقطعة في أول البقرة ، وقد زادوا في حاميم أقوالاً هنا ، وهي مروية عن السلف ، غنينا عن ذكرها ، لاضطرابها وعدم الدليل على صحة شيء منها . .
فإن كانت حم اسماً للسورة ، كانت في موضع رفع على الابتداء ، وإلا فتنزيل مبتدأ ، ومن الله الخبر ، أو خبر ابتداء ، أي هذا تنزيل ، ومن الله متعلق بتنزيل . و { الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } : صفتان دالتان على المبالغة في القدرة والغلبة والعلم ، وهما من صفات الذات . وقال الزجاج : غافر وقابل صفتان ، وشديد بدل . انتهى . وإنما جعل غافر وقابل صفتين وإن كانا اسمي فاعل ، لأنه فهم من ذلك أنه لا يراد بهما التجدد ولا التقييد بزمان ، بل أريد بهما الاستمرار والثبوت ؛ وإضافتهما محضة فيعرف ، وصح أن يوصف بهما المعرفة ، وإنما أعرب { شَدِيدُ الْعِقَابِ } بدلاً ، لأنه من باب الصفة المشبهة ، ولا يتعرف بالأضافة إلى المعرفة ، وقد نص سيبويه على أن كل ما إضافته غير محضة ، إذا أضيف إلى معرفة ، جاز أن ينوي بإضافته التمحض ، فيتعرف وينعت به المعرفة ، إلا ما كان من باب الصفة المشبهة ، فإنه لا يتعرف . وحكى صاحب المقنع عن الكوفيين أنهم أجازوا في حسن الوجه وما أشبهه أن يكون صفة للمعرفة ، قال : وذلك خطأ عند البصريين ، لأن حسن الوجه نكرة ، وإذا أردت تعريفه أدخلت فيه أل . وقال أبو الحجاج الأعلم : لا يبعد أن يقصد بحسن الوجه التعريف ، لأن الإضافة لا تمنع منه . انتهى ، وهذا جنوح إلى مذهب الكوفيين . .
وقد جعل بعضهم { غَافِرِ الذَّنبِ } وما بعده أبدالاً ، اعتباراً بأنها لا تتعرف بالإضافة ، كأنه لاحظ في غافر وقابل زمان الاستقبال . وقيل : غافر وقابل لا يراد بهما المضي ، فهما يتعرفان بالإضافة ويكونان صفتين ، أي إن قضاءه بالغفران وقبول التوب هو في الدنيا . قال الزمخشري : جعل الزجاج { شَدِيدُ الْعِقَابِ } وحده بدلاً بين الصفات فيه نبو ظاهر ، والوجه أن يقال : لنا صودف بين هذه المعارف هذه النكرة الواحدة ، فقد آذنت بأن كلها أبدال غير أوصاف ، ومثال ذلك قصيدة جاءت تفاعيلها كلها على مستفعلن ، فهي محكوم عليها أنها من الرجز ، فإن وقع فيها جزء واحد على متفاعلن كانت من الكامل ، ولا نبو في ذلك ، لأن الجري على القواعد التي قد استقرت وصحت هو الأصل . وقوله : فقد آذنت بأن كلها أبدال تركيب غير عربي ، لأنه جعل فقد أذنت جواب لما ، وليس من كلامهم : لما قام زيد فقد قام عمرو ، وقوله : بأن كلها أبدال فيه تكرار الأبدال ، أما بدل البدل عند من أثبته فقد تكررت فيه الأبدال ، وأما بدل كل من كل ، وبدل بعض من كل ، وبدل اشتمال ، فلا نص عن أحد من النحويين أعرفه في جواز التكرار فيها ، أو منعه ، إلا أن في كلام بعض أصحابنا ما يدل على أن البدل لا يكرر ، وذلك في قول الشاعر : % ( فإلى ابن أم أناس ارحل ناقتي % .
عمرو فتبلغ ناقتي أو تزحف .
) % % ( ملك إذا نزل الوفود ببابه % .
عرفوا موارد مزنه لا تنزف .
) %