@ 424 @ نوراً يوم القيامة ، فيلبسه وجه الأرض ، فتشرق الأرض به ، وقال ابن عباس : النور هنا ليس من نور الشمس والقمر ، بل هو نور يخلقه الله فيضيء الأرض . وروي أن الأرض يومئذ من فضة ، والمعنى : أشرقت بنور خلقه الله تعالى ، أضافه إليه إضافة الملك إلى الملك . وقال الزمخشري : استعار الله النور للحق ، والقرآن والبرهان في مواضع من التنزيل ، وهذا من ذلك . والمعنى : وأشرقت الأرض بما يقيمه فيها من الحق والعدل ، وبسط من القسط في الحسنات ، ووزن الحسنات والسيئات ، وينادي عليه بأنه مستعار إضافته إلى اسمه ، لأنه هو الحق العدل ، وإضافة اسمه إلى الأرض ، لأنه يزينها حين ينشر فيها عدله ، وينصب فيها موازين قسطه ، ويحكم بالحق بين أهلها ، ولا ترى أزين للبقاع من العدل ولا أعمر لها منه ، ويقولون للملك العادل : أشرقت الآفاق بعدلك وأضاءت الدنيا بقسطك ، كما يقولون : أظلمت البلاد بجور فلان . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) ، وكما فتح الآية بإثبات العدل ، ختمها بنفي الظلم . .
{ وَوُضِعَ الْكِتَابُ } : أي صحائف الأعمال ووحد ، لأنه اسم جنس ، وكل أحد له كتاب على حدة ، وأبعد من قال : الكتاب هنا اللوح المحفوظ . وروي ذلك عن ابن عباس ، ولعله لا يصح ، وقد ضعف بأن الآية سيقت مقام التهديد في سياق الخير . { وَجِىء بِالنَّبِيّيْنَ } ليشهدوا على أممهم ، { وَالشُّهَدَاء } ، قيل : جمع شاهد ، وهم الذين يشهدون على الناس بأعمالهم . وقيل : هم الرسل من الأنبياء . وقيل : أمة محمد صلى الله عليه وسلم ) ، يشهدون للرسل . وقال عطاء ، ومقاتل ، وابن زيد : الحفظة . وقال ابن زيد أيضاً : النبيون ، والملائكة ، وأمة محمد عليه السلام ، والجوارح . وقال قتادة : الشهداء جمع شهيد ، وليس فيه توعد ، وهو مقصود الآية . { وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ } : أي بين العالم ، ولذلك قسموا بعد إلى قسمين : أهل النار وأهل الجنة ، { بِالْحَقّ } : أي بالعدل . { وَوُفّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ } : أي جوزيت مكملاً . { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } ، فلا يحتاج إلى كاتب ولا شاهد ، وفي ذلك وعيد وزيادة تهديد . .
{ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءوهَا فُتِحَتْ أَبْوابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ يَتْلُونَ } . .
ولما ذكر أشياء من أحوال يوم القيامة على سبيل الإجمال ، بين بعد كيفية أحوال الفريقين وما أفضى إليه كل واحد منهما فقال : { وَسِيقَ } ، والسوق يقتضي الحث على المسير بعنف ، وهو الغالب فيه . وجواب إذا : { فُتِحَتْ أَبْوابُهَا } ، ودل ذلك على أنه لا يفتح إلا إذا جاءت ؛ كسائر أبواب السجون ، فإنها لا تزال مغلقة حتى يأتي أصحاب الجرائم الذين يسجنون فيها فيفتح ثم يغلق عليهم . وتقدم ذكر قراءة التخفيف والتشديد في فتحت وأبوابها سبعة ، كما ذكر في سورة الحجر . { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا } ، على سبيل التقريع والتوبيخ ، { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ } : أي من جنسكم ، تفهمون ما ينبئونكم به ، وسهل عليكم مراجعتهم . وقرأ ابن هرمز : تأتكم بتاء التأنيث ؛ والجمهور : بالياء . { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءايَاتِ رَبّكُمْ } : أي الكتب المنزلة للتبشير والنذارة ، { وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَاذَا } : وهو يوم القيامة ، وما يلقى فيه المسمى من العذاب ، { قَالُواْ بَلَى } أي قد جاءتنا ، وتلوا وأنذروا ، وهذا اعتراف بقيام الحجة عليهم ، { وَلَاكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ } أي قوله تعالى : { لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ } . { عَلَى الْكَافِرِينَ } : وضع الظاهر موضع المضمر ، أي علينا ، صرحوا بالوصف الموجب لهم العقاب . .
ولما فرغت محاورتهم مع