@ 421 @ الأخفش : تأمروني ملغاة ، وعنه أيضاً : أفغير نصب بتأمروني لا بأعبد ، لأن الصلة لا تعمل فيما قبلها ، إذ الموصول منه حذف فرفع ، كما في قوله : .
ألا أيها ذا الزاجري احضر الوغى .
والصلة مع الموصول في موضع النصب بدلاً منه ، أي أفغير الله تأمرونني عبادته ؟ والمعنى : أتأمرونني بعبادة غير الله ؟ وقال الزمخشري : أو ينصب بما يدل عليه جملة قوله : { تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ } ، لأنه في معنى تعبدون وتقولون لي : اعبده ، وأفغير الله تقولون لي اعبد ، فكذلك أفغير الله تقولون لي أن اعبده ، وأفغير الله تأمروني أن أعبد . والدليل على صحة هذا الوجه قراءات من قرأ أعبد بالنصب ، يعني : بنصب الدال بإضمار أن . وقرأ الجمهور : تأمروني ، بإدغام النون في نون الوقاية وسكون الياء ؛ وفتحها ابن كثير . وقرأ ابن عامر : تأمرنني ، بنونين على الأصل ؛ ونافع : تأمرني ، بنون واحدة مكسورة وفتح الياء . قال ابن عطية : وهذا على حذف النون الواحدة ، وهي الموطئة لياء المتكلم ، ولا يجوز حذف النون الأولى ، وهو لحن ، لأنها علامة رفع الفعل . انتهى . وفي المسألة خلاف ، منهم من يقول : المحذوفة نون الرفع ، ومنهم من يقول : نون الوقاية ، وليس بلحن ، لأن التركيب متفق عليه ، والخلاف جرى في أيهما حذف ، وختار أنها نون الرفع . .
ولما كان الأمر بعبادة غير الله لا يصدر إلا من غبي جاهل ، نادهم بالوصف المقتضي ذلك فقال : { أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ } . ولما كان الإشراك مستحيلاً على من عصمه الله ، وجب تأويل قوله : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ } أيها السامع ، ومضى الخطاب على هذا التأويل . ويدل على هذا التأويل أنه ليس براجع الخطاب للرسول ، إفراداً لخطاب في { لَئِنْ أَشْرَكْتَ } ، إذ لو كان هو المخاطب ، لكان التركيب : لئن أشركتما ، فيشمل ضمير هو ضمير الذين من قبله ، ويغلب الخطاب . وقال الزمخشري : فإن قلت : المومى إليهم جماعة ، فكيف قال : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ } على التوحيد ؟ قلت معناه : لئن أوحى إليك ، { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ * وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ * مّثْلِهِ } ، وأوحى إليك وإلى كل واحد منهم { لَئِنْ أَشْرَكْتَ } ، كما تقول : كسانا حلة ، أي كل واحد منا . فإن قلت : كيف يصح هذا الكلام مع علم الله تعالى أن رسله لا يشركون ولا يحبط أعمالهم ؟ قلت : هو على سبيل الفرض والمحالات يصح فرضها ثم ذكر كلاماً يوقف عليه في كتابه . ويستدل بهذه الآية على حبوط عمل المرتد من صلاة وغيرها . وأوحى : مبني للمفعول ، ويظهر أن الوحي هو هذه الجمل : من قوله : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ * إِلَىَّ مِنْ * الْخَاسِرِينَ } وهذا لا يجوز على مذهب البصريين ، لأن الجمل لا تكون فاعلة ، فلا تقوم مقام الفاعل . وقال مقاتل : أوحى إليك بالتوحيد ، والتوحيد محذوف . ثم قال : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } ، والخطاب للنبي عليه السلام خاصة . انتهى . فيكون الذي أقيم مقام الفاعل هو الجار والمجرور ، وهو إليك ، وبالتوحيد فضلة يجوز حذفها لدلالة ما قبلها عليها . وقرأ الجمهور : { لَيَحْبَطَنَّ } مبنياً للفاعل ، { عَمَلُكَ } : رفع به . وقرىء : ليحبطن بالياء ، من أحبط عمله بالنصب ، أي ليحبطن الله عملك ، أو الإشراك عملك . وقرىء بالنون أي : لنحبطن عملك بالنصب ، والجلالة منصوبة بقوله : فاعبد على حدّ قولهم : زيد فاضرب ، وله تقرير في النحو وكيف دخلت هذه الفاء . وقال الفراء : إن شئت نصبه بفعل مضمر قبله ، كأنه يقدر : اعبد الله فاعبده . .
وقال الزمخشري : { بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ } ، لما أمروه به من استلام بعض آلهتهم ، كأنه قال : لا تعبد ما أمروك بعبادته ، بل إن كنت عاقلاً فاعبد الله ، فحذف الشرط وجعل تقدم المفعول عوضاً منه . انتهى . ولا يكون تقدم المفعول عوضاً من الشرط لجواز أن يجيء : زيد فعمراً اضرب . فلو كان عوضاً ، لم يجز الجمع بينهما . { وَكُنْ مّنَ الشَّاكِرِينَ } لأنعمه التي أعظمها الهداية لدين الله . وقرأ عيسى : بل الله بالرفع ، والجمهور : بالنصب . { وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } : أي ما عرفوه حق معرفته ، وما قدروه في أنفسهم حق تقديره ، إذ أشركوا معه غيره ، وساووا بينه وبين الحجر والخشب في العبادة . وقرأ الأعمش : حق قدره بفتح الدال ؛ وقرأ الحسن ، وعيسى ، وأبو نوفل ،