@ 393 @ عليه { لاَمْلاَنَّ } . { وَالْحَقَّ أَقُولُ } : اعتراض بين القسم وجوابه . قال الزمخشري : ومعناه : ولا أقول إلا الحق . انتهى ، لأن عنده تقدم المفعول يفيد الحصر . والحق المقسم به إما اسمه تعالى الذي في قوله : { أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ } ، أو الذي هو نقيض الباطل . وقيل : فالحق منصوب على الإغراء ، أي فالزموا الحق ، ولأملأن : جواب قسم محذوف . وقال الفراء : هو على معنى قولك : حقاً لا شك ، ووجود الألف واللام وطرحهما سواء ، أي لأملأن جهنم حقاً . انتهى . وهذا المصدر الجائي توكيداً لمضمون الجملة ، لا يجوز تقديمه عند جمهور النحاة ، وذلك مخصوص بالجملة التي جزآها معرفتان جامدتان جموداً محضاً . وقال صاحب البسيط : وقد يجوز أن يكون الخبر نكرة ، قال : والمبتدأ يكون ضميراً نحو : هو زيد معروف ، وهو الحق بيننا ، وأنا الأمير مفتخراً ؛ ويكون ظاهراً كقولك : زيد أبوك عطوفاً ، وأخوك زيد معروفاً . انتهى . وقالت العرب : زيد قائم غير ذي شك ، فجاءت الحال بعد جملة ، والخبر نكرة ، وهي حال مؤكدة لمضمون الجملة ، وكأن الفراء لم يشترط هذا الذي ذكره أصحابنا من كون المبتدأ والخبر معروفين جامدين ، لأنه لا فرق بين تأكيد مضمون الجملة الابتدائية وبين تأكيد الجملة الفعلية . وقيل : التقدير فالحق الحق ، أي افعله . وقرأ ابن عباس ، ومجاهد ، والأعمش : بالرفع فيهما ، فالأول مبتدأ خبره محذوف ، قيل : تقديره فالحق أنا ، وقيل : فالحق مني ، وقيل : تقديره فالحق قسمي ، وحذف كما حذف في : لعمرك لأقومن ، وفي : يمين الله أبرح قاعداً ، أي لعمرك قسمي ويمين الله قسمي ، وهذه الجملة هي جملة القسم وجوابه : لأملأن . وأما { وَالْحَقَّ أَقُولُ } فمبتدأ أيضاً ، خبره الجملة ، وحذف العائد ، كقراءة ابن عباس : { وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } . وقال ابن عطية : أما الأول فرفع على الابتداء ، وخبره في قوله : { لاَمْلاَنَّ } ، لأن المعنى : أن أملأ . انتهى . وهذا ليس بشيء ، لأن لأملأن جواب قسم ، ويجب أن يكون جملة ، فلا يتقدر بمفرد . وأيضاً ليس مصدراً مقدراً بحرف مصدري ، والفعل حتى ينحل إليهما ، ولكنه لما صح له إسناد ما قدر إلى المبتدأ ، حكم أنه خبر عنه . وقرأ الحسن ، وعيسى ، وعبد الرحمن بن أبي حماد عن أبي بكر : بجرهم ، ويخرج على أن الأول مجرور بواو القسم محذوفة تقديره : فوالحق ، والحق معطوف عليه ، كما تقول : والله والله لأقومن ، وأقوال اعتراض بين القسم وجوابه . وقال الزمخشري : { وَالْحَقَّ أَقُولُ } : أي ولا أقول إلا الحق على حكاية لفظ المقسم به ، ومعناه التوكيد والتسديد ، وهذا الوجه جائز في المنصوب والمرفوع ، وهو وجه دقيق حسن . انتهى . وملخصه أنه أعمل القول في لفظ المقسم به على سبيل الحكاية نصباً أو رفع أو جراً . وقرأ مجاهد ، والأعمش : بخلاف عنهما ؛ وأبان بن تغلب ، وطلحة في رواية ، وحمزة ، وعاصم عن المفضل ، وخلف ، والعبسي : برفع فالحق ونصب والحق ، وتقدم إعرابهما . والظاهر أن قوله : { أَجْمَعِينَ } تأكيد للمحدث عنه والمعطوف عليه ، وهو ضمير إبليس ومن عطف عليه ، أي منك ومن تابعيك أجمعين . وأجاز الزمخشري أن يكون أجمعين تأكيداً للضمير الذي في منهم ، مقدر لأملأن جهنم من الشياطين وممن تبعهم من جميع الناس ، لا تفاوت في ذلك بين ناس وناس بعد وجود الأتباع منهم من أولاد الأنبياء وغيرهم . انتهى . والضمير في عليه عائد على القرآن ، قاله ابن عباس . وقيل : عائد على الوحي . وقيل : على الدعاء إلى الله . { وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلّفِينَ } : أي المتصنعين المتحلين بما ليسوا من أهله ، فانتحل النبوة والقول على الله . { إِنْ هُوَ } : أي القرآن ، { إِلاَّ ذِكْرٌ } : أي من الله ، { لّلْعَالَمِينَ } : الثقلين الإنس والجن . { وَلَتَعْلَمُنَّ } : أي عاقبة خبره لمن آمن به ومن أعرض عنه ، { نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ } ، قال ابن