@ 296 @ .
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أنَزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِف ( سقط : الآية كاملة )ٌ } . .
لما قرر تعالى وحدانيته بأدلة قربها وأمثال ضربها ، أتبعها بأدلة سماوية وأرضية فقال : { أَلَمْ تَرَ } ، وهذا الاستفهام تقريري ، ولا يكون إلا في الشيء الظاهر جداً . والخطاب للسامع ، وتر من رؤية القلب ، لأن إسناد إنزاله تعالى لا يستدل عليه إلا بالعقل الموافق للنقل ، وإن كان إنزال المطر مشاهداً بالعين ، لكن رؤية القلب قد تكون مسندة لرؤية البصر ولغيرها . وخرج من ضمير الغيبة إلى ضمير المتكلم في قوله : { فَأَخْرَجْنَا } ، لما في ذلك من الفخامة ، إذ هو مسند للمعظم المتكلم . ولأن نعمة الإخراج أتم من نعمة الإنزال لفائدة الإخراج ، فأسند الأتم إلى ذاته بضمير المتكلم ، وما دونه بضمير الغائب . والظاهر أن الألوان ، إن أريد بها ما يتبادر إليه الذهن من الحمرة والصفرة والخضرة والسواد وغير ذلك ، والألوان بهذا المعنى أوسع وأكثر من الألوان بمعنى الأصباغ . وقرأ الجمهور : { مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا } ، على حد اختلف ألوانها . وقرأ زيد بن علي : مختلفة ألوانها ، على حد اختلفت ألوانها ، وجمع التكسير يجوز فيه أن تلحق التاء ، وأن لا تلحق . وقرأ الجمهور : { جُدَدٌ } ، بضم الجيم وفتح الدال ، جمع جدة . قال ابن بحر : قطع من قولك : جددت الشيء : قطعته . وقرأ الزهري : كقراءة الجمهور . قال صاحب اللوامح : جمع جدة ، وهي ما تخالف من الطريق في الجبال لون ما يليها . وعنه أيضاً ، بضم الجيم والدال : جمع جديدة وجدد وجدائد ، كما يقال في الاسم : سفينة وسفن وسفائن . قال أبو ذؤيب : .
جون السراة أم جدائد أربع .
وعنه أيضاً : بفتح الجيم والدال ، ولم يجزه أبو حاتم في المعنى ، ولا صححه أثراً . وقال غيره : هو الطريق الواضح المبين ، وضعه موضع الطرائق والخطوط الواضحة المنفصل بعضها من بعض . وقال أبو عبيدة : يقال جدد في جمع جديد ، ولا مدخل لمعنى الجديد في هذه الآية . وقال صاحب اللوامح : جدد جمع جديد بمعنى : آثار جديدة واضحة الألوان . انتهى . وقال : مختلف ألوانها ، لأن البياض والحمرة تتفاوت بالشدة والضعف ، فأبيض لا يشبه أبيض ، وأحمر لا يشبه أحمر ، وإن اشتركا في القدر المشترك ، لكنه مشكل . والظاهر عطف { وَغَرَابِيبُ } على { حُمُرٌ } ، عطف ذي لون على ذي لون . وقال الزمخشري : معطوف على { بَيْضٌ } أو على { جُدَدٌ } ، كأنه قيل : ومن الجبال مخطط ذو جدد ، ومنها ما هو على لون واحد . وقال بعد ذلك : ولا بد من تقدير حذف المضاف في قوله : { وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ } ، بمعنى : ذو جدد بيض وحمر وسود ، حتى تؤول إلى قولك : ومن الجبال مختلف ألوانه ، كما قال : { ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا } . { وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابّ وَالاْنْعَامِ مُخْتَلِفٌ * أَلْوَانُهَا } يعني : ومنهم بعض مختلف ألوانه . وقرأ ابن السميفع : ألوانها . انتهى . .
والظاهر أنه لما ذكر الغرابيب ، وهو الشديد السواد ، لم يذكر فيه مختلف ألوانه ، لأنه من حيث جعله شديد السواد ، وهو المبالغ في غاية السواد ، لم يكن له ألوان ، بل هذا لون واحد ، بخلاف البيض والحمر ، فإنها مختلفة . والظاهر أن قوله : { بِيضٌ وَحُمْرٌ } ليسا مجموعين بجدة واحدة ، بل المعنى : جدد بيض ، وجدد حمر ، وجدد