@ 188 @ بعضها عن بعض ، فكذلك الخلق والبعث . .
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ الَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى إِلَى أَجَل ( سقط : مسمى وأن الله بما تعملون خبير إلى آحر اللأية ) } . .
{ يُولِجُ الَّيْلَ } : الجملتين شرحت في آل عمران وهنا . { إِلَى أَجَلٍ } ، ويدل على الأنتهاء ، أي : يبلغه وينتهي إليه . وفي الزمر : { لاِجَلٍ } ، ويدل على الاختصاص بجعل الجري مختصاً بإدراك أجل مسمى ، وجري الشمس مختص بآخر السنة ، وجري القمر بآخر الشهر ؛ فكلا المعنيين متناسب لجريهما ، فلذلك عدى بهما . وقرأ عياش ، عن أبي عمرو : بما يعملون ، بياء الغيبة . { ذالِكَ بِأَنَّ اللَّهَ } الآية ، تقدم شرحها في الحج وهنا . { وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ } ، وفي الحج { مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ } ، بزيادة هو . ولما ذكر تعالى تسخير النيرين وإمتنانه بذلك علينا ، ذكر أيضاً من سخر الفلك من العالم الأرضي بجامع ما اشتركا فيه من الجريان . وقرأ الجمهور : { أَلَمْ تَرَ } على الإفراد اللفظي . وقرأ الأعرج ، والأعمش ، وابن يعمر : بنعمات الله ، بكسر النون وسكون العين جمعاً بالألف والتاء . وقرأ ابن أبي عبلة : بفتح النون وكسر العين بالألف والتاء والباء ، وتحتمل السبية : أي تجري بسبب الريح وتسخير الله ، وتحتمل الحالية ، أي مصحوبة بنعمة الله ، وهي ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق والتجارات . وقال ابن عطية : الباء للالصاق . انتهى . وقرأ موسى بن الزبير : { الْفُلْكِ } ، بضم اللام . و { صَبَّارٍ شَكُورٍ } : بنيتا مبالغة ، وفعال أبلغ لزيادة حروفه . .
ولما تقدم ذكر جري الفلك في البحر ، وكأن في ذلك ما لا يخفى على راكبه من الخوف ، وتقدم ذكر النعمة ، ناسب الختم بالصبر على ما يحذر ، وبالشكر على ما أنعم به تعالى ، وشبه الموج في ارتفاعه واسوداده واضطرابه بالظلل ، وهو السحاب . وقيل : كالظلل : كالجبال ، أطلق على الجبل ظلة . وقرأ محمد بن الحنفية : كالظلال ، وهما جمع ظلة ، نحو : قلة وقلل وقلال . وقوله : { وَإِذَا غَشِيَهُمْ } ، فيه التفات خرج من ضمير الخطاب في { لِيُرِيَكُمْ } إلى ضمير الغيبة في { غَشِيَهُمْ } . و { مَوْجٍ } : اسم جنس يفرق بينه وبين مفرده بتاء التأنيث ، فهو يدل على الجمع ، ولذلك شبهه بالجمع . .
{ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } ، قال الحسن : أي مؤمن يعرف حق الله في هذه النعم . وقال مجاهد : مقتصد على كفره : أي يسلم لله ويفهم أن نحو هذا من القدرة ، وإن ضل في الأصنام من جهة أنه يعظمها . قيل : أو مقتصد في الإخلاص الذي كان عليه في البحر . قال الزمخشري : يعني أن ذلك الإخلاص الحادث عند