@ 185 @ ( سقط : والبحر يمده من بعد سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ، ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير ) .
{ سَخَّرَ لَكُمُ } : تنبيه على الصنعة الدالة على الصانع من تسخير { مَا فِي السَّمَاوَاتِ } : من الشمس ، والقمر ، والنجوم ، والسحاب ؛ { وَمَا فِى الاْرْضِ } : من الحيوان ، والنبات ، والمعادن ، والبحار ، وغير ذلك ؛ وذلك لا يكون إلا بمسخر من مالك متصرف كما يشاء . وقرأ ابن عباس ، ويحيى بن عمارة : وأصبغ بالصاد ، وهي لغة لبني كلب ، يبدلونها من السين ، إذا جامعت الغين أو الخاء أو القاف صاداً ؛ وباقي القراء : بالسين على الأصل . وقرأ الحسن ، والأعرج ، وأبو جعفر ، وشيبة ، ونافع ، وأبو عمرو ، وحفص : { نِعَمَهُ } ، جمعاً مضافاً للضمير ؛ وباقي السبعة ، وزيد ابن علي : نعمة ، على الإفراد . والظاهر أنه يراد بالنعمة الظاهرة : الإسلام ، والباطنة : الستر . وعن الضحاك ، الظاهرة : حسن الصورة وامتداد القامة وتسوية الأعضاء ، والباطنة : المعرفة . وقيل : الظاهرة : البصر والسمع واللسان وسائر الجوارح ، والباطنة : القلب والعقل والفهم . والذي ينبغي أن يقال : إن الظاهرة مما يدرك بالمشاهدة ، والباطنة ما لا يعلم إلا بدليل ، أو لا يعلم أصلاً . فكم من نعمة في بدن الإنسان لا يعلمها ، ولا يهتدي إلى العلم بها ؟ وانتصب { ظَاهِرَةً } على الحال من { نِعَمَهُ } ، الجمع على الصفة ، ومن نعمة على الإفراد . وتقدم الكلام على : { وَمِنَ النَّاسِ } إلى : { مُّنِيرٍ } ، في الحج ، وعلى ما بعده إلى : { ءابَاءنَا } ، في نظيره في البقرة . { أَوْ * لَوْ } : كان تقديره : أيتبعونهم في أحوالهم ؟ وفي هذه الحال التي لا ينبغي أن لا يتبع فيها الآباء ؟ لأنها حال تلف وعذاب . وقد تقدم لنا أن مثل هذا التركيب الذي فيه ولو ، إنما يكون في الشيء الذي كان ينبغي أن لا يكون ، نحو : اعطوا السائل ولو جاء على فرس ، ردوا السائل ولو بظلف محرق ، { وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } . وكذلك هذا ، كان ينبغي من دعا إلى عذاب السعير أن لا يتبع . وقرأ الجمهور : .
{ وَمَن يُسْلِمْ } ، مضارع أسلم ؛ وعلي ، والسلمي ، وعبد الله بن مسلم بن يسار : بتشديد اللام ، مضارع سلم ، وتقدم الكلام على نظير هذه الجملة في البقرة ، والمراد : التفويض إلى الله . { فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } : تقدم الكلام عليه في البقرة . وقال الزمخشري ، من باب التمثيل : مثلت حال المتوكل بحال من تدلى من شاهق ، فاحتاط لنفسه بأن استمسك بأوثق عروة من حبل متين مأمون انقطاعه . انتهى . ولما ذكر حال الكافر المجادل ، ذكر حال المسلم ، وأخبر بأن منتهى الأمور صائرة إليه . وقال ابن عطية : والعروة : موضع التعليق ، فكأن المؤمن متعلق بأمر الله ، فشبه ذلك بالعروة . وسلى رسوله بقوله : { وَمَن كَفَرَ } ، إلى آخره ، وشبه إلزام العذاب وإهاقهم إليه باضطرار من يضطر إلى الشيء الذي لا يمكنه دفعه ، ولا الإنفكاك منه . والغلظ يكون في الإجرام ، فاستعير للمعنى ، والمراد : الشدة . { لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } : أقام الحجة عليهم بأنهم يقرون بأن الله هو خالق العالم بأسره ، ويدعون مع ذلك إلاهاً غيره . { قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ } على ظهور الحجة عليهم . { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } : إضراب عن مقدر ، تقديره : ليس دعواهم ، نحو : لا يعلمون أن ما ارتكبوه من ادعاء إله غير الله لا يصح ، ولا يذهب إليه ذو علم . ثم أخبر أنه مالك للعالم كله ، وأنه هو الغني ، فلا افتقار له لشيء من الموجودات . { الْحَمِيدِ } : المستحق الحمد على ما أنشأ وأنعم . .
{ وَلَوْ أَنَّ * مَّا فِى الاْرْضِ * مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ } : تقدم في أول السورة سبب نزول هذه الآية . ولما ذكر تعالى أن ما في السموات والأرض ملك له ، وكان ذلك متناهياً ، بين أن في قدرته وعلمه عجائب لا نهاية لها ، فقال : { وَلَوْ أَنَّ * مَّا فِى الاْرْضِ } ، وأن بعد لو في موضع رفع على الفاعلية ، أي لو وقع أو ثبت على رأي المبرد ، أو في موضع مبتدأ محذوف الخبر على رأي غيره ، وتقرر ذلك في علم النحو . و { مِن شَجَرَةٍ } : تبيين لما ، وهو في التقرير في موضع الحال من الضمير الذي في الجار والمجرور المنتقل من العامل فيه ، وتقديره : ولو أن الذي استقر في الأرض كائناً من شجرة وأقلام خبر لأن ، وفيه دليل على بطلان دعوى الزمخشري وبعض العجم ممن ينصر قوله : إن خبر أن