@ 181 @ .
{ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِىٌّ حَمِيدٌ وَإِذْ } . .
اختلف في لقمان ، أكان حراً أم عبداً ؟ فإذا قلنا : كان حراً ، فقيل : هو ابن باعورا . قال وهب : ابن أخت أيوب عليه السلام . وقال مقاتل : ابن خالته . وقيل : كان من أولاد آزر ، وعاش ألف سنة ، وأدرك داود عليه السلام ، وأخذ منه العلم ، وكان يفتي قبل مبعث داود ، فلما بعث داود ، قطع الفتوى ، فقيل له : لم ؟ فقال : ألا أكتفي إذا كفيت ؟ وكان قاضياً في بني إسرائيل . وقال الواقدي : كان قاضياً في بني إسرائيل ، وزمانه ما بين عيسى ومحمد ، عليهما السلام ، والأكثرون على أنه لم يكن نبياً . وقال عكرمة ، والشعبي : كان نبياً . وإذا قلنا : كان عبداً ، اختلف في جنسه ، فقال ابن عباس ، وابن المسيب ، ومجاهد : كان نوبياً مشقق الرجلين ذا مشافر . وقال الفراء وغيره : كان حبشياً مجدوع الأنف ذا مشفر . واختلف فيما كان يعانيه من الأشغال ، فقال خالد بن الربيع : كان نجاراً ، وفي معاني الزجاج : كان نجاداً ، بالدال . وقال ابن المسيب : كان خياطاً . وقال ابن عباس : كان راعياً . وقيل : كان يحتطب لمولاه كل يوم حزمة . وهذا الاضطراب في كونه حراً أو عبداً ، وفي جنسه ، وفيما كان يعانيه ، يوجب أن لا يكتب شيء من ذلك ، ولا ينقل . لكن المفسرون مولعون بنقل المضطربات حشواً وتكثيراً ، والصواب تركه . .
وحكمة لقمان مأثورة كثيرة ، منها : قيل له : أي الناس شر ؟ قال : الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئاً . وقال له داود ، عليه السلام ، يوماً : كيف أصبحت ؟ قال : أصبحت في يد غيري ، فتفكر داود فيه ، فصعق صعقة . وقال وهب بن منبه : قرأت في حكم لقمان أكثر من عشرة آلاف . و { الْحِكْمَةَ } : المنطق الذي يتعظ به ويتنبه به ، ويتناقله الناس لذلك . { أَنِ اشْكُرْ } ، قال الزمخشري : أن هي المفسرة ، لأن إيتاء الحكمة في معنى القول ، وقد نبه سبحانه على أن الحكمة الأصلية والعلم الحقيقي هو العمل بهما ، أو عبادة الله والشكر له ، حيث فسر إيتاء الحكمة بالبعث على الشك . وقال الزجاج : المعنى : { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ } لأن يشكر الله ، فجعلها مصدرية ، لا تفسيرية . وحكى سيبويه : كتبت إليه بأن قم . { فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ } : أي ثواب الشكر لا يحصل إلا للشاكرين ، إذ هو تعالى غني عن الشكر ، فشكر الشاكر لا ينفعه ، وكفر من كفر لا يضره . و { حَمِيدٌ } : مستحق الحمد لذاته وصفاته . .
{ وَإِذْ قَالَ } : أي واذكر إذ ، وقيل :