@ 145 @ وقيل : مهاجراً من خالفني من قومي ، متقرباً إلى ربي . ونزل إبراهيم قرية من أرض فلسطين ، وترك لوطاً في سدوم ، وهي المؤتفكة ، على مسيرة يوم وليلة من قرية إبراهيم عليهما السلام . { إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ } الذي لا يذل من عبده ، { الْحَكِيمُ } الذي يضع الأشياء مواضعها . والضمير في { ذُرّيَّتَهُ } عائد على إبراهيم . { النُّبُوَّةَ } : إسحاق ، ويعقوب ، وأنبياء بني إسرائى ل ، وإسماعيل ، ومحمد خاتمهم ، صلى الله وسلم عليهم أجمعين . { وَالْكِتَابِ } : اسم جنس يدخل فيه التوراة ، والزبور ، والإنجيل ، والفرقان . .
{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } : أي في حياته قال مجاهد : نجاته من النار ، ومن الملك الجبار ، والعمل الصالح : والثناء الحسن ، بحيث يتولاه كل أمة وقال ابن جريج : والولد الذي قرت به عينه ، قاله الحسن . وقال السدي : إنه رأى مكانه من الجنة . وقال ابن أبي بردة : ما وفق له من عمل الآخرة . وقال الماوردي : بقاء ضيافته عند قبره ، وليس ذلك لنبي غيره . وقيل : النبوة والحكمة . وقيل : الصلاة عليه إلى آخر الدهر . وانتصب لوطاً بإضمار اذكر ، أو بالعطف على إبراهيم ، أو بالعطف على ما عطف عليه إبراهيم . والجمهور : على الاستفهام في أئنكم معاً . وقرىء : أنكم على الخبر ، والثاني على الاستفهام . وقال أبو عبيد : وجدته في الإمام بحرف واحد بغير ياء ، ورأيت الثاني بحرفين ، الياء والنون . ولم يأت في قصة لوط أنه دعا قومه إلى عبادة الله ، كما جاء في قصة إبراهيم وقصة شعيب ، لأن لوطاً كان من قوم إبراهيم وفي زمانه ، وسبقه إبراهيم إلى الدعاء لعبادة الله وتوحيده ، واشتهر أمره بذلك عند الخلق ، فذكر لوط ما اختص به من المنع من الفحشاء وغيرها . وأما أبراهيم وشعيب فجاآ بعد انقراض من كان يعبد الله ، فلذلك دعوا إلى عبادة الله . .
قال الزمخشري : { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا } جملة مستأنفة مقررة لفاحشة تلك الفعلة ، كأن قائلاً قال : لم كانت فاحشة ؟ فقيل : لأن أحداً قبلهم لم يقدم عليها اشمئزازاً منها في طباعهم لإفراط قبحها ، حتى قدم عليها قوم لوط لخبث طينتهم ، قالوا : لم ينز ذكر على ذكر قبل قوم لوط . انتهى . ويظهر أن { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا } جملة حالية ، كأنه قال : أتأتون الفاحشة مبتدعين لها غير مسبوقين بها ؟ واستفهم أولاً وثانياً استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع ، وبين ما تلك الفاحشة المبهمة في قوله : { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ } ، وإن كانت معينة أنها إتيان الذكور في الأدبار بقوله : { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا } ، فقال : { أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرّجَالَ } : يعني في الأدبار ، { وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ } : الولد ، بتعطيل الفرج ووطء أدبار الرجال ، أو بإمساك الغرباء لذلك الفعل حتى انقطعت الطرق ، أو بالقتل وأخذ المال ، أو بقبح الأحدوثة حتى تنقطع سبل الناس في التجارات . { وَتَأْتُونَ فِى نَادِيكُمُ } : أي في مجلسكم الذي تجتمعون فيه ، وهو اسم جنس ، إذ أنديتهم في مدائنهم كثيرة ، ولا يسمى نادياً إلاّ ما دام فيه أهله ، فإذا قاموا عنه ، لم يطلق عليه ناد إلاّ مجازاً . .
و { الْمُنْكَرَ } : ما تنكره العقول والشرائع والمروآت ، حذف الناس بالحصباء ، والاستخفاف بالغريب الخاطر ، وروت أم هانىء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ) . أو إتيان الرجال في مجالسهم يرى بعضهم بعضاً ، قاله منصور ومجاهد والقاسم بن محمد وقتادة بن زيد ؛ أو تضارطهم ؛ أو تصافعهم فيها ، قاله ابن عباس ؛ أو لعب الحمام ؛ أو تطريف الأصابع بالحناء ، والصفير ، والحذف ، ونبذ الحياء في جميع أمورهم ، قاله مجاهد أيضاً ، أو الحذف بالحصى ، والرمي بالبنادق ، والفرقعة ، ومضغ العلك ، والسواك بين الناس ، وحل الأزرار ، والسباب ، والفحش في المزاح ، قاله ابن عباس أيضاً مع شركهم بالله . كانت فيهم ذنوب غير الفاحشة ، تظالم فيما بينهم ، وبشاعة ، ومضاريط في مجالسهم ، وحذف ، ولعب بالنرد والشطرنج ، ولبس المصبغات ، ولباس النساء للرجال ، والمكوس على كل عابر ؛ وهم أول من لاط ومن ساحق . .
ولما وقفهم لوط عليه السلام على هذه القبائح ، أصروا على اللجاج في التكذيب ، فكان جوابهم له : { أَن قَالُواْ ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن