@ 427 @ مالك في رواية ابن القاسم وابن وهب بهذه القصة ، على صحة القول بالقسامة ، بقول المقتول : دمي عند فلان ، أو فلان قتلني ، وقال الجمهور خلافه . وقالوا في صفة البقرة استدلال لمن قال : إن شرع من قبلنا شرع لنا ، وهو مذهب مالك وجماعة من الفقهاء ، قالوا : في هذه الآيات أدل دليل على حصر الحيوان بصفاته ، أنه إذا حصر بصفة يعرف بها جاز السلم فيه ، وبه قال مالك والأوزاعي والليث والشافعي ، وقال أبو حنيفة : لا يجوز السلم في الحيوان . ودلائل هذه المسائل مذكورة في كتب خلاف الفقهاء ، ولا يظهر استنباط شيء من هذا من هذه القصة . قال القشيري : أراد الله أن يحيي ميتهم ليفصح بالشهادة على قاتله ، فأمر بقتل حيوان لهم ، فجعل سبب حياة مقتولهم بقتل حيوان لهم صارت الإشارة منه ، أن من أراد حياة قلبه لم يصل إليه إلا بذبح نفسه . فمن ذبح نفسه بالمجاهدات حيي قلبه بأنوار المشاهدات ، وكذلك من أراد حياة في الأبد أمات في الدنيا ذكره بالخمول . .
{ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مّن بَعْدِ ذالِكَ } ، قال الزمخشري ، معنى ثم قست : استبعاد القسوة بعدما ذكر ما يوجب لين القلوب ورقتها ونحوه ، ثم أنتم تمترون . انتهى . وهو يذكر عنه أن العطف بثم يقتضي الاستبعاد ، ولذلك قيل عنه في قوله : { ثْمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ } . وهذا الاستبعاد لا يستفاد ن العطف بثم ، وإنما يستفاد من مجيء هذه الجمل ووقوعها بعدما تقدّم مما لا يقتضي وقوعها ، ولأن صدور هذا الخارق العظيم الخارج عن مقدار البشر ، فيه من الاعتبار والعظات ما يقتضي لين القلوب والإنابة إلى الله تعالى ، والتسليم لأقضيته ،