@ 72 @ أقيالها وأتباعهم . .
قال عبد الله بن شداد : فلما كانت على فرسخ من سليمان ، قال : { أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا } ؟ وقال ابن عباس : كان سليمان مهيباً ، لا يبتدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه . فنظر ذات يوم رهجاً قريباً منه فقال : ما هذا ؟ فقالوا : بلقيس ، فقال ذلك . واختلفوا في قصد سليمان استدعاء عرشها . فقال قتادة ، وابن جريج : لما وصف له عظم عرشها وجودته ، أراد أخذه قبل أن يعصمها وقومها الإسلام ويمنع أخذ أموالهم ، والإسلام على هذا الدين ، وهذا فيه بعد أن يقع ذلك من نبي أوتي ملكاً لم يؤته غيره . وقال ابن عباس ، وابن زيد : استدعاه ليريها القدرة التي هي من عند الله ، وليغرب عليها سليمان والإسلام على هذا الاستسلام . وأشار الزمخشري لقول فقال : ولعله أوحي إليه عليه السلام باستيثاقها من عرشها ، فأراد أن يغرب عليها ويريها بذلك بعض ما خصه به من إجراء العجائب على يده ، مع اطلاعها على عظيم قدرة الله تعالى ، وعلى ما يشهد لنبوة سليمان ويصدقها . انتهى . وقال الطبري : أراد أن يختبر صدق الهدهد في قوله : { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } ، وهذا فيه بعد ، لأنه قد ظهر صدقة في حمل الكتاب ، وما ترتب على حمله من مشورة بلقيس قومها وبعثها بالهدية . وقيل : أراد أن يؤتي به ، فينكر ويغير ، ثم ينظر أتثبته أم تنكره ، اختباراً لعقلها . والظاهر ترتيب هذه الأخبار على حسب ما وقعت في الوجود ، وهو قول الجمهور . وعن ابن عباس أنه قال : { أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا } ؟ حين ابتدأ النظر في صدق الهدهد من كذبه لما قال : { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } . ففي ترتيب القصص تقديم وتأخير ، وفي قوله : { أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا } دليل على جواز الاستعانة ببعض الاتباع في مقاصد الملوك ، ودليل على أنه قد يخص بعض أتباع الأنبياء بشيء لا يكون لغيرهم ، ودليل على مبادرة من طلبه منه الملوك قضاء حاجة ، وبداءة الشياطين في التسخير على الإنس ، وقدرتهم بأقدار الله على ما يبعد فعله من الإنس . وقرأ الجمهور : عفريت ، وأبو حيوة : بفتح العين . وقرأ أبو رجاء ، وأبو السمال ، وعيسى ، ورويت عن أبي بكر الصديق : عفرية ، بكسر العين ، وسكون الفاء ، وكسر الراء ، بعدها ياء مفتوحة ، بعدها تاء التأنيث . وقال ذو الرمة : % ( كأنه كوكب في إثر عفرية % .
مصوّب في سواد الليل مقتضب .
) % .
.
وقرأت فرقة : عفر ، بلا ياء ولا تاء ، ويقال في لغة طيىء وتميم : عفراة بالألف وتاء التأنيث ، وفيه لغة سادسة عفارية ، ويوصف بها الرجل ، ولما كان قد يوصف به الإنس خص بقوله من الجن . وعن ابن عباس : اسمه صخر . وقيل : كوري . وقيل : ذكران . و { ءاتِيكَ } : يحتمل أن يكون مضارعاً واسم فاعل . وقال قتادة ، ومجاهد ، ووهب : { مِن مَّقَامِكَ } : أي من مجلس الحكم ، وكان يجلس من الصبح إلى الظهر في كل يوم . وقيل : قبل أن تستوي من جلوسك قائماً . { وَإِنّى عَلَيْهِ } : أي على الإتيان به لقوي على حمله ؛ { أَمِينٌ } : لا أختلس منه شيئاً . قال الحسن : كان كافراً ، لكنه كان مسخراً ، والعفريت لا يكون إلا كافراً . .
{ قَالَ الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مّنَ الْكِتَابِ } ، قيل : هو من الملائكة ، وهو جبريل ، قاله النخعي . والكتاب : اللوح المحفوظ ، أو كتاب سليمان إلى بلقيس . وقيل : ملك أيد الله به سليمان . وقيل : هو رجل من الإنس ، واسمه آصف بن برخيا ، كاتب