@ 20 @ فأبقى من كل ما يدل على المحذوف ، أبقيت الفاء من فضرب واتصلت بانفلق ، ليدل على ضرب المحذوفة ، وأبقى انفلق ليدل على الفاء المحذوفة منه . وهذا قول شبيه بقول صاحب البرسام ، ويحتاج إلى وحي يسفر عن هذا القول . وإذا نظرت القرآن وجدت جملاً كثيرة محذوفة ، وفيها الفاء نحو قوله : { فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصّدِيقُ } ، أي فأرسلوه ، فقال يوسف أيها الصديق ، والفرق الجزء المفصل . والطود : الجبل العظيم المنطاد في السماء . وحكى يعقوب عن بعض القراء ، أنه قرأ كل فلق باللام عوض الراء . .
{ وَأَزْلَفْنَا } : أي قربنا ، { ثُمَّ } : أي هناك ، وثم ظرف مكان للبعد . { الاْخَرِينَ } : أي قوم فرعون ، أي قربناهم ، ولم يذكر من قربوا منه ، فاحتمل أن يكون المعنى : قربناهم حيث انفلق البحر من بني إسرائيل ، أو قربنا بعضهم من بعض حتى لا ينجو أحد ، أو قربناهم من البحر . وقرأ الحسن ، وأبو حيوة : وزلفنا بغير ألف . وقرأ أبي ، وابن عباس ، وعبد الله بن الحارث : وأزلقنا بالقاف عوض الفاء ، أي أزللنا ، قاله صاحب اللوامح . قيل : من قرأ بالقاف صار الآخرين فرعون وقومه ، ومن قرأ بالعامة يعني بالقراءة العامة ، فالآخرون هم موسى وأصحابه ، أي جمعنا شملهم وقربناهم بالنجاة . انتهى ، وفي الكلام حذف تقديره : ودخل موسى وبنو إسرائيل البحر وأنجينا . قيل : دخلوا البحر بالطول ، وخرجوا في الصفة التي دخلوا منها بعد مسافة ، وكان بين موضع الدخول وموضع الخروج أوعار وجبال لا تسلك . .
{ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً } : أي لعلامة واضحة عاينها الناس وشاع أمرها . قال الزمخشري : { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ } : أي ما تنبه أكثرهم عليها ولا آمنوا . وبنو إسرائيل ، الذين كانوا أصحاب موسى المخصوصين بالإنجاء ، قد سألوه بقرة يعبدونها ، واتخذوا العجل ، وطلبوا رؤية الله جهرة . انتهى . والذي يظهر أن قوله : { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ } : أي أكثر قوم فرعون ، وهم القبط ، إذ قد آمن السحرة ، وآمنت آسية امرأة فرعون ، ومؤمن آل فرعون ، وعجوز اسمها مريم ، دلت موسى على قبر يوسف عليه السلام ، واستخرجوه وحملوه معهم حين خرجوا من مصر . .
{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ * إِذْ قَالَ لاِبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَا ءابَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَءيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وَءابَاؤُكُمُ الاْقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِى إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ * قَالَ أَفَرَءيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وَءابَاؤُكُمُ الاْقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِى إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِى يُمِيتُنِى ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ الدِينِ * رَبّ هَبْ لِى حُكْماً وَأَلْحِقْنِى بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَل لّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى الاْخِرِينَ * وَاجْعَلْنِى مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لاِبِى إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالّينَ * وَلاَ تَحْزَنِى * يَوْمِ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ * وَبُرّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ * وَقِيلَ لَهُمْ * أَيْنَمَا * كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ * فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ * قَالُواْ وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوّيكُمْ بِرَبّ الْعَالَمِينَ * وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ * فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ * الْمُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لايَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } . .
لما كانت العرب لها خصوصية بإبراهيم عليه السلام ، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ) أن يتلو عليهم قصصه ، وما جرى له مع قومه . ولم يأت في قصة من قصص هذه السورة أمره عليه السلام بتلاوة قصة إلا في هذه ، وإذ : العامل فيه . قال الحوفي : أتل ، ولا يتصور ما قال إلا بإخراجه عن الظرفية وجعله بدلاً من نبا ، واعتقاد أن العامل في البدل والمبدل منه واحد . وقال أبو البقاء : العامل في إذ نبأ . والظاهر أن الضمير في { وَقَوْمِهِ } عائد على إبراهيم . وقيل : على أبيه ، أي وقوم أبيه ، كما قال : { إِنّى أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ } . وما : استفهام بمعنى التحقير والتقرير . وقد كان إبراهيم عليه السلام يعلم أنهم