@ 18 @ .
وقد نوزع في ذلك بما هو مذكور في كتب النحو . وعن الفراء أيضاً ، والكسائي : رجل حذر ، إذا كان الحذر في خلقته ، فهو متيقظ منتبه . وقرأ سميط بن عجلان ، وابن أبي عمار ، وابن السميفع : حاذرون ، بالدال المهملة من قولهم : عين حدرة ، أي عظيمة ، والحادر : المتوارم . قال ابن عطية : فالمعنى ممتلئون غيظاً وأنفة . وقال ابن خالوية : الحادر : السمين القوي الشديد ، يقال غلام حدر بدر . وقال صاحب اللوامح : حدر الرجل : قوي بأسه ، يقال : منه رجل حد بدر ، إذا كان شديد البأس في الحرب ، ويقال : رجل حدر ، بضم الدال للمبالغة ، مثل يقظ . وقال الشاعر : % ( أحب الصبي السوء من أجل أمّة % .
وأبغضه من بغضها وهو حادر .
.
) % .
أي سمين قوي . وقيل : مدجّجون في السلاح . { فَأَخْرَجْنَاهُمْ } : الضمير عائد على القبط . { مّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } : بحافتي النيل من أسوان إلى رشيد ، قاله ابن عمر وغيره ، والجمهور : على أنها عيون الماء . وقال ابن جبير : المراد عيون الذهب . { وَكُنُوزٍ } : هي الأموال التي خربوها . قال مجاهد : سماها كنوزاً لأنه لم ينفق في طاعة الله قط . وقال الضحاك : الكنوز : الأنهار . قال صاحب التحبير : وهذا فيه نظر ، لأن العيون تشملهما . وقيل : هي كنوز للقطم ومطالبة . قال ابن عطية : هي باقية إلى اليوم . انتهى . .
وأهل مصر في زماننا في غاية الطلب لهذه الكنوز التي زعموا أنها مدفونة في المقطم ، فينفقون على حفر هذه المواضع في المقطم الأموال الجزيلة ، ويبلغون في العمق إلى أقصى غاية ، ولا يظهر لهم إلا التراب أو حجر الكذان الذي المقطم مخلوق منه ، وأي مغربي يرد عليهم سألوه عن علم المطالب . فكثير منهم يضع في ذلك أوراقاً ليأكلوا أموال المصريين بالباطل ، ولا يزال الرجل منهم يذهب ماله في ذلك حتى يفتقر ، وهو لا يزداد إلا طلباً لذلك حتى يموت . وقد أقمت بين ظهرانيهم إلى حين كتابة هذه الأسطر ، نحواً من خمسة وأربعين عاماً ، فلم أعلم أن أحداً منهم حصل على شيء غير الفقر ؛ وكذلك رأيهم في تغوير الماء . يزعمون أن ثمر آباراً ، وأنه يكتب أسماء في شقفة ، فتلقى في البئر ، فيغور الماء وينزل إلى باب في البئر ، يدخل منه إلى قاعة مملوءة ذهباً وفضة وجوهراً وياقوتاً . فهم دائماً يسألون من يرد من المغاربة عمن يحفظ تلك الأسماء التي تكتب في الشفقة ، فيأخذ شياطين المغاربة منهم مالاً جزيلاً ، ويستأكلونهم ، ولا يحصلون على شيء غير ذهاب أموالهم ، ولهم أشياء من نحو هذه الخرافات ، يركنون إليها ويقولون إليها ويقولون بها ، وإنما أطلت في هذا على سبيل التحذير لمن يعقل . .
وقوله تعالى : { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } . قال ابن لهيعة : هو الفيوم . وقال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك : هو المنابر للخطباء . وقيل : الأسرة في الكلل . وقيل : مجالس الأمراء والأشراف والحكام . وقال النقاش : المساكن الحسان . وقيل : مرابط الخيل ، حكاه الماوردي . وقرأ قتادة ، والأعرج : ومقام ، بضم الميم من أقام كذلك . قال الزمخشري : يحتمل ثلاثة أوجه : النصب على أخرجناهم مثل ذلك الإخراج الذي وصفناه ، والجر على أنه وصف لمقام ، أي ومقام كريم مثل ذلك المقام الذي كان لهم ، والرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، أي الأمر كذلك . انتهى . فالوجه الأول لا يسوغ ، لأنه يؤول إلى تشبيه الشيء بنفسه ، وكذلك الوجه الثاني ، لأن المقام الذي كان لهم هو المقام الكريم ، ولا يشبه الشيء بنفسه . .
والظاهر أن قوله : { وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِى إِسْراءيلَ } ، أنهم ملكوا ديار مصر بعد غرق فرعون وقومه ، لأنه اعتقب قوله : { وَأَوْرَثْنَاهَا } : قوله : { * وأخرجناهم } ، وقاله الحسن ؛ قال : كما عبروا النهر ، رجعوا وورثوا ديارهم وأموالهم . وقيل : ذهبوا إلى الشام وملكوا مصر زمن سليمان . وقرأ الجمهور : { إِسْراءيلَ فَأَتْبَعُوهُم } : أي فلحقوهم . وقرأ الحسن ، والذماري :