@ 9 @ وقال الزمخشري : ومعنى { * } ، بالرفع فيهما عطفاً على أخاف . فالمعنى : إنه يفيد ثلاث علل : خوف التكذيب ، وضيق الصدر ، وامتناع انطلاق اللسان . وقرأ الأعرج ، وطلحة ، وعيسى ، وزيد بن عليّ ، وأبو حيوة ، وزائدة ، عن الأعمش ، ويعقوب : بالنصب فيهما عطفاً على يكذبون ، فيكون التكذيب وما بعده يتعلق بالخوف . وحكى أبو عمرو الداني ، عن الأعرج : أنه قرأ بنصب : ويضيق ، ورفع : ولا ينطلق ، وعدم انطلاق اللسان هو بما يحصل من الخوف وضيق الصدر ، لأن اللسان إذ ذاك يتلجلج ولا يكاد يبين عن مقصود الإنسان . وقال ابن عطية : وقد يكون عدم انطلاق اللسان بالقول لغموض المعاني التي تطلب لها ألفاظ محررة ، فإذا كان هذا في وقت ضيق الصدر ، لم ينطلق اللسان . .
فأرسل إلى هارون } : معناه يعينني ويؤازرني ، وكان هارون عليه السلام فصيحاً واسع الصدر ، فحذف بعض المراد من القول ، إذ باقية دال عليه . انتهى . وقال الزمخشري : ومعنى { * } : معناه يعينني ويؤازرني ، وكان هارون عليه السلام فصيحاً واسع الصدر ، فحذف بعض المراد من القول ، إذ باقية دال عليه . انتهى . وقال الزمخشري : ومعنى { فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ } : أرسل إليه جبريل عليه السلام ، واجعله نبياً ، وأزرني به ، واشدد به عضدي ؛ وهذا كلام مختصر ، وقد أحسن في الاختصار حيث قال : { فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ } ، فجاء بما يتضمن معنى الاستثناء . وقوله : { إِنّى أَخَافُ } إلى آخره ، بعد أن أمره الله بأن يأتي القوم الظالمين ، ليس توقفاً فيما أمره الله تعالى به ، ولكنه طلب من الله أن يعضده بأخيه ، حتى يتعاونا على إنفاذ أمره تعالى ، وتبليغ رسالته ، مهد قبل طلب ذلك عذره ثم طلب . وطلب العون دليل على القبول لا على التوقف والتعلل ، ومفعول أرسل محذوف . فقيل جبريل ، كما تقدم ذكره ، وفي الخبر أن الله أرسل موسى إلى هارون ، وكان هارون بمصر حين بعث الله موسى نبياً بالشام . قال السدي : سار بأهله إلى مصر ، فالتقى بهارون وهو لا يعرفه فقال : أنا موسى ، فتعارفا ؛ وأمرهما أن ينطلقا إلى فرعون لأداء الرسالة ، فصاحت أمهما لخوفهما عليه ، فذهبا إليه . .
{ وَلَهُمْ عَلَىَّ ذَنبٌ } : أي قبلي قود ذنب ، أو عقوبة ، وهو قتله القبطي الكافر خباز فرعون بالوكزة التي وكزها ، أو سمى تبعة الذنب ذنباً ، كما سمى جزاء السيئة سيئة . وليس قول موسى ذلك تلكأ في أداء الرسالة ، بل قال ذلك استدفاعاً لما يتوقعه منهم من القتل ، وخاف أن يقتل قبل أداء الرسالة ، ويدل على ذلك قوله : كلا ، وهي كلمة الردع ، ثم وعده تعالى بالكلاءة والدفع . وكلا رد لقوله : { إِنّى أَخَافُ } ، أي لا تخف ذلك ، فإني قضيت بنصرك وظهورك . وقوله : { فَاذْهَبَا } ، أمر لهما بخطاب لموسى فقط ، لأن هارون ليس بمكلم بإجماع ، ولكنه قال لموسى : { اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ } . قال الزمخشري : جمع الله له الاستجابتين معاً في قوله : { كَلاَّ فَاذْهَبَا } ، لأنه استدفعه بلاءهم ، فوعده الدفع بردعه عن الخوف ، والتمس المؤازرة بأخيه ، فأجابه بقوله : اذهب ، أي اذهب أنت والذي طلبته هارون . فإن قلت : علام عطف قوله اذهبا ؟ قلت : على الفعل الذي يدل عليه كلا ، كأنه قيل : ارتدع يا موسى عما تظن ، فاذهب أنت وهارون بآياتنا ، يعم جميع ما بعثهما الله به ، وأعظم ذلك العصا ، وبها وقع العجز . قال ابن عطية : ولا خلاف أن موسى هو الذي حمله الله أمر النبوة وكلفها ، وأن هارون كان نبياً رسولاً معيناً له ووزيراً . انتهى . ومعكم ، قيل : من وضع الجمع موضع المثنى ، أي معكما . وقيل : هو على ظاهره من الجمع ، والمراد موسى وهارون ومن أرسلا إليه . وكان شيخنا الأستاذ أبو جعفر بن الزبير يرجح أن يكون أريد بصورة الجمع المثنى ، والخطاب لموسى وهارون فقط ، قال : لأن لفظة مع تباين من يكون كافراً ، فإنه لا يقال الله معه . وعلى أنه أريد بالجمع التثنية ، حمله سيبويه رحمه الله وكأنهما لشرفهما عند الله ، عاملهما في الخطاب معاملة الجمع ، إذ كان ذلك جائزاً أن يعامل به الواحد لشرفه وعظمته . .
قال ابن عطية : { مُّسْتَمِعُونَ } اهتبالاً ، ليس في صيغة سامعون ، وإلا فليس يوصف الله تعالى بطلب الاستماع ، وإنما القصد إظهار التهم ليعظم أنس موسى ، أو يكون الملائكة بأمر الله إياها تستمع . وقال الزمخشري : { مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } من مجاز الكلام ، يريد أنا لكما ولعدوكما كالناصر الظهير لكما عليه إذا حضر واستمع ما يجري بينكما وبينه ، فأظهركما وغلبكما وكسر شوكته عنكما ونكسه . انتهى . ويجوز أن يكون معه متعلقاً بمستمعون ، وأن يكون خبراً ومستمعون خبر ثان . والمعية هنا مجاز ، وكذلك الاستماع ، لأنه بمعنى الإصغاء ، ولا يلزم من الاستماع السماع ، تقول : أسمع إليه ، فما سمع واستمع إليه ، فسمع كما قال : { اسْتَمَعَ نَفَرٌ مّنَ الْجِنّ فَقَالُواْ إِنَّا سَمِعْنَا } ، وأفرد رسول هنا ولم يثن ، كما في قوله : { إِنَّا رَسُولاَ رَبّكَ } ، إما لأنه مصدر بمعنى الرسالة ، فجاز أن يقع مفرداً خبر المفرد فما فوقه ، وإما لكونهما ذوي شريعة واحدة ، فكأنهما رسول واحد . وأريد بقوله : أنا أوكل واحد منا رسول . .
{ وَرَسُولٌ * رَبّ الْعَالَمِينَ } فيه رد عليه ، وأنه مربوب لله تعالى ، بادهه