@ 469 @ والظاهر أن { وَعِبَادُ } مبتدأ و { الَّذِينَ يَمْشُونَ } الخبر . وقيل : أولئك الخبر و { الَّذِينَ } صفة ، وقوم من عبد القيس يسمون العباد لأن كسرى ملكهم دون العرب . وقيل : لأنهم تألهوا مع نصارى الحيرة فصاروا عباد الله . وقرأ اليماني : وعباد جمع عابد كضارب وضراب . وقرأ الحسن : وعُبَدُ بضم العين والباء . وقرأ السلمي واليماني { يَمْشُونَ } مبنياً للمفعول مشدداً . والهون : الرفق واللين . وانتصب { هَوْناً } على أنه نعت لمصدر محذوف أي مشياً هوناً أو على الحال ، أي يشمون هينين في تؤدة وسكينة وحسن سمت لا يضربون بأقدامهم ولا يخفقون بنعالهم أشراً وبطراً ، ولذلك كره بعض العلماء الركوب في الأسواق . وقال مجاهد : بالحلم والوقار . وقال ابن عباس : بالطاعة والعفاف والتواضع . وقال الحسن : حلماء إن جهل عليهم لم يجهلوا . وقال ابن عطية { هَوْناً } عبارة عن عيشهم ومدة حياتهم وتصرفاتهم ، فذكر من ذلك المعظم لا سيما وفي الانتقال في الأرض هي معاشرة الناس وخلطتهم ثم قال { هَوْناً } بمعنى أمره هون أي ليس بخشن ، وذهبت فرقة إلى أن { هَوْناً } مرتبط بقوله { يَمْشُونَ عَلَى الاْرْضِ } أي إن المشي هو الهون ، ويشبه أن يتأول هذا على أن يكون أخلاق ذلك الماشي { هَوْناً } مناسبة لمشيه فيرجع القول إلى نحو ما بينا ، وأما أن يكون المراد صفة المشي وحده فباطل ، لأن رب ماش { هَوْناً } رويداً وهو ذنب أطلس . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ) يتكفأ في مشيه كأنما يمشي في صبب . وهو عليه السلام الصدر في هذه الآية وقوله عليه السلام : ( من مشى منكم في طمع فليمش رويداً ) . أراد في عمر نفسه ولم يرد المشي وحده ألا ترى أن المبطلين المتحلين بالدين تمسكوا بصورة المشي فقط حتى قال فيهم الشاعر : % ( كلهم يمشي رويدا % .
كلهم يطلب صيداً .
) % .
وقال الزهري : سرعة المشي تذهب ببهاء الوجه ، يريد الإسراع الخفيف لأنه يخل بالوقار والخير في التوسط . وقال زيد بن أسلم : أنه رأى في النوم من فسر له { الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الاْرْضِ هَوْناً } بأنهم الذين لا يريدون أن يفسدوا في الأرض . وقال عياض بن موسى : كان عليه السلام يرفع في مشيه رجليه بسرعة وعد وخطوة خلاف مشية المختال ، ويقصد سمته وكل ذلك برفق وتثبت دون عجلة كما قال : ( إنما ينحط من صبب ) . وكان عمر يسرع جبلة لا تكلفاً . .
{ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ } أي مما لا يسوغ الخطاب به { قَالُواْ سَلاَماً } أي سلام توديع لا تحية كقول إبراهيم عليه السلام لأبيه { سَلَامٌ عَلَيْكَ } قاله الأصم . وقال مجاهد : قولاً سديداً فهو منصوب بقالوا . وقيل : هو على إضمار فعل تقديره سلمنا { سَلاَماً } فهو جزء من متعلق الجملة المحكية . قال ابن عطية : والذي أقوله أن { قَالُواْ } هو العامل في { سَلاَماً } لأن المعنى قالوا هذا اللفظ . وقال الزمخشري : تسلماً منكم فأقيم السلام مقام التسليم . وقيل : قالوا سداداً من القول يسلمون فيه من الأذى والإثم والمراد بالجهل السفه وقلة الأدب وسوء الرغبة من قوله : % ( ألا لا يجهلن أحد علينا % .
فنجهل فوق جهل الجاهلينا .
) % .
انتهى . وقال الكلبي : وأبو العالية نسختها آية القتال . وقال ابن عطية : وهذه الآية كانت قبل آية السيف فنسخ منها ما يخص الكفرة وبقي حكمها في المسلمين إلى يوم القيامة ، وذكره سيبويه في هذه الآية في كتابه وما تكلم على نسخ سواه . ورجح به أنه المراد السلامة لا التسليم لأن المؤمنين لم يؤمروا قط بالسلام على الكفرة ، والآية مكية فنسختها آية السيف . وفي التاريخ ما معناه أن إبراهيم بن المهدي كان منحرفاً عن عليّ بن أبي طالب فرآه في النوم قد تقدمه إلى عبور قنطرة ، فقال له : إنما تَدَّعي هذا الأمر بامرأة ونحن أحق به منك ، وكان حكى ذلك للمأمون قال : فما رأيت له