@ 389 @ يكون خبراً لأولئك لا نعتاً . .
وخص الوجه باللفح لأنه أشرف ما في الإنسان ، والإنسان أحفظ له من الآفات من غيره من الأعضاء ، فإذا لفح الأشرف فما دونه ملفوح . ولما ذكر إصابة النار للوجه ذكر الكلوح المختص ببعض أعضاء الوجه وفي الترمذي تتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه ، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته قال هذا حديث حسن صحيح . وقرأ أبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة كلحون بغير ألف . .
{ أَلَمْ تَكُنْ ءايَاتِى تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذّبُونَ * قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ * اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مّنْ عِبَادِى يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِى وَكُنْتُمْ مّنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِى جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُواْ أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ * قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِى الاْرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادّينَ * قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ * وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهَا ءاخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * وَقُل } . .
يقول الله لهم على لسان من يشاء من ملائكته { أَلَمْ تَكُنْ ءايَاتِى } وهي القرآن ، ولما سمعوا هذا التقرير أذعنوا وأقروا على أنفسهم بقولهم { غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا } من قولهم : غلبني فلان على كذا إذا أخذه منك وامتلكه ، والشقاوة سوء العاقبة . وقيل : الشقوة الهوى وقضاء اللذات لأن ذلك يؤدي إلى الشقوة . أطلق اسم المسبب على السبب قاله الجبائي . وقيل : ما كتب علينا في اللوح المحفوظ وسبق به علمك . وقرأ عبد الله والحسن وقتادة وحمزة والكسائي والمفضل عن عاصم وأبان والزعفراني وابن مقسم : شقاوتنا بوزن السعادة وهي لغة فاشية ، وقتادة أيضاً والحسن في رواية خالد بن حوشب عنه كذلك إلاّ أنه بكسر الشين ، وباقي السبعة والجمهور بكسر الشين وسكون القاف وهي لغة كثيرة في الحجاز . قال الفراء : أنشدني أبو ثروان وكان فصيحاً : % ( علق من عنائه وشقوته % .
بنت ثماني عشرة من حجته .
) % .
وقرأ شبل في اختياره بفتح الشين وسكون القاف . { وَكُنَّا قَوْماً ضَالّينَ } أي عن الهدى ، ثم تدرجوا من الإقرار إلى الرغبة والتضرع وذلك أنهم أقروا والإقرار بالذنب اعتذار ، فقالوا { رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا } أي من جهنم { فَإِنْ عُدْنَا } أي إلى التكذيب واتخاذ آلهة وعبادة غيرك { فَإِنَّا ظَالِمُونَ } أي متجاوز والحد في العدوان حيث ظلمنا أنفسنا أولاً ثم سومحنا فظلمنا ثانياً . وحكى الطبري حديثاً طويلاً في مقاولة تكوين بين الكفار وبين مالك خازن النار ، ثم بينهم وبين ربهم جل وعز وآخرها { قَالَ * اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ } قال وتنطبق عليهم جهنم ويقع اليأس ويبقون ينبح بعضهم في وجه بعض . قال ابن عطية : واختصرت ذلك الحديث لعدم صحته ، لكن معناه صحيح ومعنى { * اخسؤوا } أي ذلوا فيها وانزجروا كما تنزجر الكلاب إذا ازجرت ، يقال : خسأت الكلب وخسأ هو بنفسه يكون متعدياً ولازماً . و { لا * تُكَلّمُونِ } أي في رفع العذاب أو تخفيفه . قيل : هو آخر كلام يتكلمون به ثم لا كلام بعد ذلك إلاّ الشهيق والزفير والعواء كعواء الكلاب لا يفهمون . .
{ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مّنْ عِبَادِى يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرحِمِينَ } . قرأ أبيّ وهارون العتكي { أَنَّهُ } بفتح الهمزة أي لأنه ، والجمهور بكسرها والهاء ضمير الشأن وهو محذوف مع أن المفتوحة الهمزة والفريق هنا هم المستضعفون من المؤمنين ، وهذه الآية مما يقال للكفار على جهة التوبيخ ، ونزلت في كفار قريش مع صهيب وعمار وبلال ونظرائهم ، ثم هي عامة فيمن جرى مجراهم قديماً وبقية الدهر . وقرأ حمزة والكسائي ونافع { سِخْرِيّاً } بضم السين وباقي السبعة بالكسر . قال الزمخشري : مصدر سخر كالسخر إلاّ أن في ياء النسب زيادة قوة في الفعل ، كما قيل : الخصوصية في الخصوص وهما بمعنى الهزء في قول الخليل وأبي زيد الأنصاري وسيبويه . وقال أبو