@ 404 @ فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } . وردّت الشرائع كلها إلى شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ) . وقال غير ابن عباس : ليست بمنسوخة ، وهي فيمن ثبت على إيمانه بالنبي صلى الله عليه وسلم ) . وروى الواحدي ، بإسناد متصل إلى مجاهد ، قال : لما قص سلمان على النبي صلى الله عليه وسلم ) قصة أصحابه ، وقال له هم في النار ، قال سلمان : فأظلمت عليّ الأرض ، فنزلت إلى { يَحْزَنُونَ } ، قال : فكأنما كشف عني جبل . .
ومناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه لما ذكر الكفرة من أهل الكتاب ، وما حل بهم من العقوبة ، أخبر بما للمؤمنين من الأجر العظيم ، دالاً على أنه يجزي كلاً بفعله ، والذين آمنوا منافقوا هذه الأمّة ، أي آمنوا ظاهراً ، ولهذا قرنهم بمن ذكر بعدهم ، ثم بين حكم من آمن ظاهراً وباطناً ، قاله سفيان الثوري أو المؤمنون بالرسول . ومن آمن : معناه من داوم على إيمانه ، وفي سائر الفرق : من دخل فيه ، أو الحنيفيون ممن لم يلحق الرسول : كزيد بن عمرو بن نفيل ، وقيس بن ساعدة ، وورقة بن نوفل ، ومن لحقه : كأبي ذر ، وسلمان ، وبحيرا . ووفد النجاشي الذين كانوا ينتظرون المبعث ، فمنهم من أدرك وتابع ، ومنهم من لم يدركه ، والذين هادوا كذلك ، ممن لم يلحق إلا من كفر بعيسى ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، والنصارى كذلك ، والصابئين كذلك ، قاله السدّي أو أصحاب سلمان ، وقد سبق حديثهم ، أو المؤمنون بعيسى قبل أن يبعث الرسول ، قاله ابن عباس ، أو المؤمنون بموسى ، وعملوا بشريعته إلى أن جاء عيسى فآمنوا به وعملوا بشريعته ، إلى أن جاء محمد ، قاله السدي عن أشياخه ، أو مؤمنوا الأمم الخالية ، أو المؤمنون بالله وملائكه وكتبه ورسله من سائر الأمم . فهذه ثمانية أقوال في المعنى بالذين آمنوا والذين هادوا وهم اليهود . .
وقرأ الجمهور : هادوا بضم الدال . وقرأ أبو السماك العدوي : بفتحها من المهاداة ، قيل : أي مال بعضهم إلى بعض ، فالقراءة الأولى مادتها هاء وواو ودال ، أو هاء وياء ودال ، والقراءة الثانية مادتها هاء ودال وياء ، ويكون فاعل من الهداية ، وجاء فيه فاعل موافقة فعل ، كأنه قيل : والذين هدوا ، أي هدوا أنفسهم نحو : جاوزت الشيء بمعنى جزته . { وَالنَّصَارَى } : الألف للتأنيث ، ولذلك منع الصرف في قوله : { الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى } ، وهذا البناء ، أعني فعالى ، جاء مقصوراً جمعاً ، وجاء ممدوداً مفرداً ، وألفه للتأنيث أيضاً نحو : بركاء . وقرأ الجمهور : والصابئين مهموزاً ، وكذا والصابئون ، وتقدم معنى صبأ المهموز . وقرأ نافع : بغير همز ، فيحتمل وجهين أظهرهما أن يكون من صبأ : بمعنى مال ، ومنه قول الشاعر : % ( إلى هند صبا قلبي % .
وهند مثلها يصبي .
) % .
والوجه الآخر يكون أصله الهمز ، فسهل بقلب الهمز ألفاً في الفعل وياء في الاسم ، كما قال الشاعر : % ( إن السباع لتهدي في مرابضها % .
والناس ليس بهاد شرهم أبدا .
) % .
وقال الآخر : % ( وكنت أذل من وتد بقاع % .
يشجج رأسه بالفهرواج .
) % .
وقال آخر :