@ 336 @ الماوردي : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وعن ابن عباس : هو الحمد لله الذي صدقنا وعده ، والظاهر أن { الْحَمِيدِ } وصف لله تعالى . قال ابن عطية : ويحتمل أن يرد بالحميد نفس الطريق ، فأضاف إليه على حد إضافته في قوله : دار الآخرة . .
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِى جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ } . .
المضارع قد لا يلحظ فيه زمان معين من حال أو استقبال فيدل إذ ذاك على الاستمرار ، ومنه { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } كقوله { الَّذِينَ ءامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ } وقيل : هو مضارع أريد به الماضي عطفاً على { كَفَرُواْ } وقيل : هو على إضمار مبتدأ أي وهم { يَصِدُّونَ } وخبر إن محذوف قدره ابن عطية بعد { وَالْبَادِ } خسروا أو هلكوا وقدره الزمخشري بعد قوله { الْحَرَامِ } نذيقهم { مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } ولا يصح تقديره بعده لأن الذي صفة { الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } فموضع التقدير هو بعد { وَالْبَادِ } لكن مقدر الزمخشري أحسن من مقدر ابن عطية لأنه يدل عليه الجملة الشرطية بعد من جهة اللفظ ، ابن عطية لحظ من جهة المعنى لأن من أذيق العذاب خسر وهلك . وقيل : الواو في { وَيَصُدُّونَ } زائدة وهو خبر إن تقديره إن الذين كفروا يصدون . قال ابن عطية : وهذا مفسد للمعنى المقصود انتهى . ولا يجيز البصريون زيادة الواو وإنما هو قول كوفي مرغوب عنه . .
وهذه الآية نزلت عام الحديبية حين صدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ) عن المسجد الحرام وذلك أنه لم يعلم لهم صد قبل ذلك بجمع إلاّ أن يراد صدهم لأفراد من الناس فقد وقع ذلك في صدر المبعث ، والظاهر أنه نفس المسجد ومن صد عن الوصول إليه فقد صد عنه . وقيل : الحرم كله لأنهم صدوه وأهله عليه السلام فنزلوا خارجاً عنه لكنه قصد بالذكر المهم المقصد من الحرم . .
وقرأ الجمهور { سَوَآء } بالرفع على أن الجملة من مبتدأ وخبر في موضع المفعول الثاني ، والأحسن أن يكون { الْعَاكِفُ } هو المبتدأ و { فِيهِ سَوَآء } الخبر ، وقد أجيز العكس . وقال ابن عطية : والمعنى { الَّذِى جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ } قبلة أو متعبداً انتهى . ولا يحتاج إلى هذا التقدير إلاّ إن كان أراد تفسير المعنى لا الإعراب فيسوغ لأن الجملة في موضع المفعول الثاني ، فلا يحتاج إلى هذا التقدير . وقرأ حفص والأعمش { سَوَآء } بالنصب وارتفع به { الْعَاكِفُ } لأنه مصدر في معنى مستو اسم الفاعل . ومن كلامهم : مررت برجل سواء هو والعدم ، فإن كانت جعل تتعدى إلى اثنين فسواء الثاني أو إلى واحد فسواء حال من الهاء . وقرأت فرقة منهم الأعمش في رواية القطعي { سَوَآء } بالنصب { الْعَاكِفُ فِيهِ } بالجر . قال ابن عطية : عطفاً على الناس انتهى . وكأنه يريد عطف البيان الأولى أن يكون بدل تفصيل . .
وقرىء { * والبادي } وصلاً ووقفاً وبتركها فيهما ، وبإثباتها وصلاً وحذفها وقفاً { سَوَاء الْعَاكِفُ } المقيم فيه { * والبادي } الطارىء عليه ، وأجمعوا على الاستواء في نفس المسجد الحرام واختلفوا في مكة ، فذهب عمر وابن عباس ومجاهد وجماعة إلى أن الأمر كذلك في دوس مكة ، وأن القادم له النزول حيث وجد وعلى رب المنزل أن يؤويه شاء أو أبى ، وقال به الثوري وكذلك كان الأمر في الصدر الأول . قال ابن سابط : وكانت دورهم بغير أبواب حتى كثرت السرقة ، فاتخذ رجل باباً فأنكر عليه عمر وقال : أتغلق باباً في وجه حاج بيت الله ؟ فقال : إنما أردت حفظ متاعهم من السرقة فتركه ، فاتخذ الناس الأبواب وهذا الخلاف مترتب على الخلاف في فتح مكة أكان عنوة أو صلحاً ؟ وهي مسألة يبحث عنها في الفقه . .
والإلحاد الميل عن القصد . ومفعول { مِن بَرَدٍ } قال أبو عبيدة هو { بِإِلْحَادٍ } والباء زائدة في المفعول . قال الأعشى