@ 266 @ رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ) . وقال الجوهري : المعيشة الضنك في الدنيا ، والمعنى أن الكافر وإن كان متسع الحال والمال فمعه من الحرص والأمل والتعذيب بأمور الدنيا والرغبة وامتناع صفاء العيش لذلك ما تصير معيشته ضنكاً وقالت فرقة { ضَنكاً } بأكل الحرام . .
ويستدل على أن المعيشة الضنك قبل يوم القيامة { وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى } وقوله : { وَلَعَذَابُ الاْخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى } فكأنه ذكر نوعاً من العذاب ، ثم ذكر أن عذاب الآخرة أشد وأبقى ، وحسن قول الجمهور الزمخشري فقال : ومعنى ذلك أن مع الدين التسليم والقناعة والتوكل على الله وعلى قسمته ، فصاحبه ينفق ما رزقه بسماح وسهولة فيعيش عيشاً طيباً كما قال تعالى { فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَواةً طَيّبَةً } والمعرض عن الدين مستول عليه الحرص الذي لا يزال يطيح به إلى الازدياد من الدنيا مسلط عليه الشح الذي يقبض يده عن الإنفاق ، فعيشه ضنك وحاله مظلمة انتهى . .
وقرأ الحسن ضنكي بألف التأنيث ولا تنوين وبالإمالة بناؤه صفة على فعلى من الضنك . وقرأ الجمهور { ضَنكاً } بالتنوين وفتحة الكاف فتحة إعراب . وقرأ الجمهور { وَنَحْشُرُهُ } بالنون ، وفرقة منهم أبان بن تغلب بسكون الراء فيجوز أن يكون تخفيفاً ، ويجوز أن يكون جرماً بالعطف على موضع { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } لأنه جواب الشرط ، وكأنه قيل { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى } تكن له معيشة ضنك { وَنَحْشُرُهُ } ومثله { مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ } في قراءة من سكن ويذرهم . وقرأت فرقة ويحشره بالياء . وقرىء ويحشره بسكون الهاء على لفظ الوقف قاله الزمخشري . ونقل ابن خالويه هذه القراءة عن أبان بن تغلب والأحسن تخريجه على لغة بني كلاب وعقيل فإنهم يسكنون مثل هذه الهاء . وقرىء { لِرَبّهِ لَكَنُودٌ } والظاهر أن قوله { أَعْمَى } المراد به عمى البصر كما قال { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا } وقيل : أعمى البصيرة . قال ابن عطية : ولو كان هذا لم يحس الكافر بذلك لأنه مات أعمى البصيرة ويحشر كذلك . وقال مجاهد والضحاك ومقاتل وأبو صالح وروي عن ابن عباس : { أَعْمَى } عن حجته لا حجة له يهتدي بها . وعن ابن عباس يحشر بصيراً ثم إذا استوى إلى المحشر { أَعْمَى } . وقيل : { أَعْمَى } عن الحيلة في دفع العذاب عن نفسه كالأعمى الذي لا حيلة له فيما لا يراه . وقيل { أَعْمَى } عن كل شيء إلاّ عن جهنم . وقال الجبائي : المراد من حشره { أَعْمَى } لا يهتدي إلى شيء . وقال إبراهيم بن عرفة : كل ما ذكره الله عز وجل في كتابه فذمه فإنما يريد عَمَى القلب قال تعالى فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور . .
وقال مجاهد : معنى { لِمَ حَشَرْتَنِى أَعْمَى } أي لا حجة لي وقد كنت عالماً بحجتي بصيراً بها أحاج عن نفسي في الدنيا انتهى . سأل العبد ربه عن السبب الذي استحق به أن يحشر أعمى لأنه جهله ، وظن أنه لا ذنب له فقال له جل ذكره { كَذالِكَ أَتَتْكَ ايَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذالِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى } أي مثل ذلك أنت ، ثم فسر بأن آياتنا أتتك واضحة مستنيرة فلم تنظر إليها بعين المعتبر ، ولم تتبصر وتركتها وعميت عنها فكذلك اليوم نتركك على عماك ولا نزيل غطاءه عن عينيك قاله الزمخشري . والنسيان هنا بمعنى الترك لا بمعنى الذهول ، ومعنى { تُنْسَى } تترك في العذاب { وَكَذالِكَ نَجْزِى } أي مثل ذلك الجزاء { نَجْزِى مَنْ أَسْرَفَ } أي من جاوز الحد في المعصية ثم أخبر تعالى أن عذاب الآخرة أشد أي من عذاب الدنيا لأنه أعظم منه { وَأَبْقَى } أي منه لأنه دائم مستمر وعذاب الدنيا منقطع . وقال الزمخشري : والحشر على العمى الذي لا يزوال أبداً أشد من ضيق العيش المنقضي ، أو أراد ولتركنا إياه في العمى { أَشَدُّ وَأَبْقَى } من تركه لآياتنا . .
{ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِى مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لايَاتٍ لاِوْلِى النُّهَى * وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ ءانَاء الَّيْلِ فَسَبّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ } . ( سقط : ترضى ، ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك