@ 243 @ الخشب وصلبهم في داخله فصار ظرفاً لهم حقيقة حتى يموتوا فيه جوعاً وعطشاً ومن تعدية صلب بفي قول الشاعر : % ( وهم صلبوا العبدي في جذع نخلة % .
فلا عطست شيبان إلاّ بأجدعا .
) % .
وفرعون أول من صلب ، وأقسم فرعون على ذلك وهو فعل نفسه وعلى فعل غيره ، وهو { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا } أي أيي وأي من آمنتم به . وقيل : أيي وأي موسى ، وقال ذلك على سبيل الاستهزاء لأن موسى لم يكن من أهل التعذيب وإلى هذا القول ذهب الزمخشري قال : بدليل قوله { لَهُ قَبْلَ } واللام مع الإيمان في كتاب الله لغير الله كقوله { يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } وفيه نفاحة باقتداره وقهره وما ألفه وضَرِيَ به من تعذيب الناس بأنواع العذاب ، وتوضيع لموسى عليه السلام واستضعاف مع الهزء به انتهى . وهو قول الطبري قال : يريد نفسه وموسى عليه السلام ، والقول الأول أذهب مع مخرقة فرعون { وَلَتَعْلَمُنَّ } هنا معلق { فِرْعَوْنَ أَشَدَّ } جملة استفهامية من مبتدإ وخبر في موضع نصب لقوله { وَلَتَعْلَمُنَّ } سدّت مسد المفعولين أو في موضع مفعول واحد إن كان { * لتعلمنّ } معدى تعدية عرف ، ويجوز على الوجه أن يكون { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا } مفعولاً { * لتعلمن } وهو مبني على رأي سيبويه و { فِرْعَوْنَ أَشَدَّ } خبر مبتدأ محذوف ، و { أَيُّنَا } موصولة والجملة بعدها صلة والتقدير و { * لتعلمنّ } من هو { أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى } . .
.
) % .
{ قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ } أي لن نختار اتباعك وكوننا من حزبك وسلامتنا من عذابك { عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيّنَاتِ } وهي المعجزة التي أتتنا وعلمنا صحتها . وفي قولهم هذا توهين له واستصغار لما هددهم به وعدم اكتراث بقوله . وفي نسبة المجيء إليهم وإن كانت البينات جاءت لهم ولغيرهم لأنهم كانوا أعرف بالسحر من غيرهم ، وقد علموا أن ما جاء به موسى ليس بسحر فكانوا على جلية من العلم بالمعجز ، وغيرهم يقلدهم في ذلك وأيضاً فكانوا هم الذين حصل لهم النفع بها فكانت بينات واضحة في حقهم . .
والواو في { وَالَّذِى فَطَرَنَا } واو عطف على { مَا جَاءنَا } أي وعلى { الَّذِى * فَطَرَنَا } لما لاحت لهم حجة الله في المعجزة بدؤوا بها ثم ترقوا إلى القادر على خرق العادة وهو الله تعالى وذكروا وصف الاختراع وهو قولهم { الَّذِى * فَطَرَنَا } تبينناً لعجز فرعون وتكذيبه في ادعاء ربوبيته وإلاهيته وهو عاجز عن صرف ذبابة فضلاً عن اختراعها . وقيل : الواو للقسم وجوابه محذوف ، ولا يكون { لَن نُّؤْثِرَكَ } جواباً لأنه لا يجاب في النفي بلن إلاّ في شاذ من الشعر و { مَا } موصولة بمعنى الذي وصلته { أَنتَ قَاضٍ } والعائد محذوف أي ما أنت قاضيه . قيل : ولا يجوز أن تكون { مَا } مصدرية لأن المصدرية توصل بالأفعال ، وهذه موصولة بابتداء وخبر انتهى . وهذا ليس مجمعاً عليه بل قد ذهب ذاهبون من النحاة إلى أن { مَا } المصدرية توصل بالجملة الاسمية . وانتصب { هَاذِهِ الْحَيَواةَ } على الظرف وما مهيئة ويحتمل أن تكون مصدرية أي إن قضاءك كائن في { هَاذِهِ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا } لا في الآخرة ، بل في الآخرة لنا النعيم ولك العذاب . .
وقرأ الجمهور { تَقْضِى } مبنياً للفاعل خطاباً لفرعون . وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة تُقْضَى مبنياً للمفعول هذه الحياة بالرفع اتسع في الظرف فاجْرِي مجرى المفعول به ، ثم بُني الفعل لذلك ورفع به كما تقول : صم يوم الجمعة وولد له ستون عاماً . ولم يصرح في القرآن بأنه أنفذ فيهم وعيده ولا أنه قطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم ، بل الظاهر أنه تعالى سلمهم منه ويدل على ذلك قوله { أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ } وقيل : أنفذ فيهم وعيده وصلبهم على الجذوع وإكراهه إياهم على السحر . قيل : حملهم على معارضة موسى . وقيل : كان يأخذ ولدان الناس ويجربهم على ذلك فأشارت السحرة إلى