@ 237 @ .
قال : وتقول مررت برجل سواك وسواك وسواك أي غيرك ، ويكون للجميع وأعلى هذه اللغات الكسر قاله النحاس . وقالت فرقة : معنى { مَكَاناً سُوًى } مستوياً من الأرض أي لا وَعر فيه ، ولا جبل ، ولا أكمة ، ولا مطمئن من الأرض بحيث يسير ناظر أحد فلا يرى مكان موسى والسحرة وما يصدر عنهما ، قال ذلك واثقاً من غلبة السحرة لموسى فإذا شاهدوا غلبهم إياه رجعوا عما كانوا اعتقدوا فيه . وقالت فرقة : معناه مكاناً سوى : مكاننا هذا وليس بشيء لأن سوى إذا كانت بمعنى غير لا تستعمل إلا مضافة لفظاً ولا تقطع عن الإضافة . .
وقرأ الحسن والأعمش وعاصم في رواية وأبو حيوة وابن أبي عبلة وقتادة والجحدري وهبيرة والزعفراني يوم الزينة بنصب الميم وتقدم تخريج هذه القراءة في كلام الزمخشري وروي أن { يَوْمُ الزّينَةِ } كان عيداً لهم ويوماً مشهوداً وصادف يوم عاشوراء ، وكان يوم سبت . وقيل : هو يوم كسر الخليج الباقي إلى اليوم . وقيل : يوم النيروز وكان رأس سنتهم . وقيل : يوم السبت فإنه يوم راحة ودعة . وقيل : يوم سوق لهم . وقيل : يوم عاشوراء . .
وقرأ ابن مسعود والجحدري وأبو عمران الجوني وأبو نهيك وعمرو بن فايد وأن تحشر بتاء الخطاب أي يا فرعون وروي عنهم بالياء على الغيبة ، والناس نصب في كلتا القراءتين . قالصاحب اللوامح { وَأَن يُحْشَرَ } الحاشر { النَّاسُ ضُحًى } فحذف الفاعل للعلم به انتهى . وحذف الفاعل في مثل هذا لا يجوز عند البصريين . وقال غيره { وَأَن يُحْشَرَ } القوم قال ويجوز أن يكون فيه ضمير فرعون ذكره بلفظ الغيبة ، إما على العادة التي تخاطب بها الملوك أو خاطب القوم لقوله { مَوْعِدُكُمْ } وجعل { يُحْشَرُ } لفرعون ويجوز أن يكون { وَأَن يُحْشَرَ } في موضع رفع عطفاً على { يَوْمُ الزّينَةِ } وأن يكون في موضع جر عطفاً على { الزّينَةِ } وانتصب { ضُحًى } على الظرف وهو ارتفاع النهار ، ويؤنث ويذكر والضحاء بفتح الضاد ممدود مذكر وهو عند ارتباع النهار الأعلى ، وإنما واعدهم موسى ذلك اليوم ليكون علو كلمة الله وظهور دينه وكبت الكافر وزهوق الباطل على رؤوس الأشهاد ، وفي المجمع الغاص لتقوى رغبة من رغب في اتباع الحق ، ويكل حد المبطلين وأشياعهم ويكثر المحدث بذلك الأمر العلم في كل بدو وحضر ، ويشيع في جميع أهل الوبر والمدر . والظاهر أن قوله { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزّينَةِ } من كلام موسى عليه السلام لأنه جواب لقول فرعون { فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً } ولأن تعيين اليوم إنما يليق بالمحق الذي يعرف اليد له لا المبطل الذي يعرف أنه ليس معه إلا التلبيس . ولقوله { مَوْعِدُكُمْ } وهو خطاب للجميع ، وأبعد من ذهب إلى أنه من كلام فرعون . .
{ فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ } أي معرضاً عن قبول الحق أو { تَوَلَّى } ذلك الأمر بنفسه أو فرجع إلى أهله لاستعداد مكايده ، أو أدبر على عادة المتواعدين أن يولي كل واحد منهما صاحبه ظهره إذا افترقا . أقوال { فَجَمَعَ كَيْدَهُ } أي ذوي كيده وهم السحرة . وكانوا عصابة لم يخلق الله أسحر منها { ثُمَّ أَتَى } للموعد الذي كانوا تواعدوه . وأتى موسى أيضاً بمن معه من بني إسرائيل قال لهم موسى { وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ كَذِباً } وتقدم تفسير ويل في سورة البقرة ، خاطبتهم خطاب محذر وندبهم إلى قول الحق إذ رأوه وأن لا يباهتوا بكذب . وعن وهب لما قال للسحرة { وَيْلَكُمْ } قالوا ما هذا بقول ساحر { فَيُسْحِتَكُم } يهلككم ويستأصلكم ، وفيه دلالة على عظم الافتراء وأنه يترتب عليه هلاك الاستئصال ، ثم ذكر أنه لا يظفر بالبغية ولا ينجح طلبه { مَنِ افْتَرَى } على الله الكذب . .
ولما سمع السحرة منه هذه المقالة هالهم ذلك ووقعت في نفوسهم مهابته { فَتَنَازَعُواْ أَمْرَهُمْ } أي تجاذبوه والتنازع يقتضي الاختلاف . وقرأ حمزة والكسائي وحفص والأعمش وطلحة وابن جرير { فَيُسْحِتَكُم } بضم الياء وكسر الحاء من أسحت رباعياً . وقرأ باقي السبعة ورويس وابن عباعي بفتحهما من سحت ثلاثياً . وإسرارهم النجوى خيفة من فرعون أن يتبين فيهم ضعفاً لأنهم لم يكونوا مصممين على غلبة موسى بل كان ظناً من بعضهم . وعن ابن عباس أن نجواهم إن غلبنا موسى اتبعناه ، وعن قتادة إن كان ساحراً فسنغلبه ، وإن كان من السماء فله أمر . .
وقال الزمخشري : والظاهر أنهم تشاوروا في السر وتجاذبوا أهداب