@ 158 @ تؤول به إلى الكفر والأخسر من أتعب نفسه فأدى تعبه به إلى النار . وانتصب { أَعْمَالاً } على التمييز وجمع لأن أعمالهم في الضلال مختلفة وليسوا مشتركين في عمل واحد و { الَّذِينَ } يصح رفعه على أنه خبر مبتدإِ محذوف ، أي هم { الَّذِينَ } وكأنه جواب عن سؤال ، ويجوز نصبه على الذمّ وخبره على الوصف أو البدل { ضَلَّ سَعْيُهُمْ } أي هلك وبطل وذهب و { يَحْسَبُونَ } و { يُحْسِنُونَ } من تجنيس التصحيف وهو أن يكون النقط فرقاً بين الكلمتين . ومنه قول أبي عبادة البحتري : % ( ولم يكن المغتر بالله إذ سرى % .
ليعجز والمعتز بالله طالبه .
) % .
ومن غريب هذا النوع من التجنيس . قال الشاعر : % ( سقينني ربي وغنينني % .
بحت بحبي حين بنّ الخرد .
) % .
صحف بقوله سقيتني ربي وغنيتني بحب يحيى بن الجرد . .
وقرأ ابن عباس وأبو السمال { فَحَبِطَتْ } بفتح الباء والجمهور بكسرها . وقرأ الجمهور { فَلاَ نُقِيمُ } بالنون { وَزْناً } بالنصب ومجاهد وعبيد بن عمير فلا يقيم بالياء لتقدم قوله { بآيَاتِ رَبّهِمْ } وعن عبيد أيضاً يقوم بفتح الياء كأنه جعل قام متعدياً . وعن مجاهد وابن محيصن ويعقوب بخلاف عنهم : فلا يقوم مضارع قام وزن مرفوع به . واحتمل قوله { فَلاَ نُقِيمُ } إلاّ به أنهم لا حسنة لهم توزن في موازين القيامة ، ومن لا حسنة له فهو في النار . واحتمل أن يريد المجاز كأنه قال : فلا قدر لهم عندنا يومئذ . .
وفي الحديث : ( يؤتي بالأكول الشروب الطويل فلا يزن جناح بعوضة ) ثم قرأ { فَلاَ نُقِيمُ } الآية . وفي الحديث أيضاً : ( يأتي ناس بأعمال يوم القيامة هي عندهم في العظم كجبال تهامة فإذا وزنوها لم تزن شيئاً ) . .
{ ذَلِكَ جَزَاؤُهُم } مبتدأ وخبر و { جَهَنَّمَ } بدل و { ذالِكَ } إشارة إلى ترك إقامة الوزن ، ويجوز أن يشار بذلك وإن كان مفرداً إلى الجمع فيكون بمعنى أولئك ويكون { جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ } مبتدأ وخبراً . وقال أبو البقاء : { ذالِكَ } أي الأمر ذلك وما بعده مبتدأ وخبر ، ويجوز أن يكون { ذالِكَ } مبتدأ و { جَزَآؤُهُمْ } مبتدأ ثان و { جَهَنَّمَ } خبره . والجملة خبر الأول والعائد محذوف أي جزاؤه انتهى . ويحتاج هذا التوجيه إلى نظر قال : ويجوز أن يكون { ذالِكَ } مبتدأ و { جَزَآؤُهُمْ } بدل أو عطف بيان و { جَهَنَّمَ } الخبر . ويجوز أن يكون { جَهَنَّمَ } بدلاً من جزاء أو خبر لابتداء محذوف ، أي هو جهنم و { بِمَا كَفَرُواْ } خبر ذلك ، ولا يجوز أن تتعلق الباء بجزاؤهم للفصل بينهما و { اتَّخَذُواْ } يجوز أن يكون معطوفاً على { كَفَرُواْ } وأن يكون مستأنفاً انتهى . والآيات هي المعجزات الظاهرة على أيدي الأنبياء والصحف الإلهية المنزلة عليهم . .
{ إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً * قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً * لّكَلِمَاتِ رَبّى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبّى وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً * قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَا إِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً } . .
لما ذكر تعالى ما أعد للكافرين ذكر ما أعد للمؤمنين وفي الصحيح { جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ } أربع ثنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما ، وثنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما . وفي حديث عبادة { الْفِرْدَوْسِ } أعلاها يعني أعلا الجنة . قال قتادة وربوتها ومنها تفجر أنهار الجنة . وقال أبو هريرة جبل تتفجر منه أنهار الجنة . وفي حديث أبي أمامة { الْفِرْدَوْسِ } سرة الجنة . وقال مجاهد { الْفِرْدَوْسِ } البستان بالرومية . وقال كعب والضحاك { جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ } الأعناب . وقال