@ 88 @ وكان ذلك ردّاً على اليهود والنصاري والعرب الذين عبدوا الأصنام وجعلوها شركاء لله ، والعرب الذين عبدوا الملائكة واعتقدوا أنهم بنات الله . ونفي أولاً الولد خصوصاً ثم نفي الشريك في ملكه وهو أعم من أن ينسب إليه ولد فيشركه أو غيره ، ولما نفي الولد ونفي الشريك نفي الولي وهو الناصر ، وهو أعم من أن يكون ولداً أو شريكاً أو غير شريك . ولما كان اتخاذ الولي قد يكون للانتصار والاعتزاز به والاحتماء من الذلَّ وقد يكون للتفضل والرحمة لمن وإلى من صالحي عباده كان النفي لمن ينتصر به من أجل المذلة ، إذ كان مورد الولاية يحتمل هذين الوجهين فنفي الجهة التي لأجل النقص بخلاف الولد والشريك فإنهما نفياً على الإطلاق . وجاء الوصف الأول بقوله { الَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا } والمعنى أنه تعالى لم يسم ولم يعد أحداً ولداً ولم ينفه بجهة التوالد لاستحالة ذلك في بدائه العقول ، فلا يتعرض لنفيه بالمنقول ولذلك جاء ما اتخذ الله من ولد ما يتخذ صاحبة ولا ولداً . .
وقال مجاهد : في قوله { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِىٌّ مَّنَ الذُّلّ } المعنى لم يخالف أحداً ولا ابتغى تصر أحد . وقال الزمخشري : { وَلِىٌّ مَّنَ الذُّلّ } ناصر من الذلّ ومانع له منه لاعتزازه به ، أو لم يوال أحداً من أجل المذلة به ليدفعها بموالاته انتهى . وقيل : ولم يكن له { وَلِيُّ } من اليهود والنصاري لأنهم أذل الناس فيكون { مَّنَ الذُّلّ } صفة لولي انتهى . أي { وَلِىٌّ مَّنَ } أهل { الذُّلّ } ، فعلى هذا وما تقدّم يكون { مِنْ } في معنى المفعول به أو للسبب أو للتبعيض . .
وقال الزمخشري : فإن قلت : كيف لاق وصفه بنفي الولد والشريك والذل بكلمة التحميد ؟ قلت : لأن من هذا وصفه هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمة فهو الذي يستحق جنس الحمد ، والذي تقرر أن النفي تسلط من حيث المعنى على القيد أي لا ذل يوجد في حقه فيكون له ولي ينتصر به منه ، فالذل والولي الذي يكون اتخاذه بسببه منتفيان . .
{ وَكَبّرْهُ تَكْبِيرًا } التكبير أبلغ لفظة للعرب في معنى التعظيم والإجلال ، وأكد بالمصدر تحقيقاً له وإبلاغاً في معناه ، وابتدئت هذه السورة بتنزيه الله تعالى واختتمت به ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ) إذا أفصح الغلام من بني عبد المطلب علمه هذه الآية { وَقُلِ الْحَمْدُ * اللَّهِ } إلى آخرها والله أعلم . .