@ 75 @ إليك . وقيل كفيلاً بإعادته إلى الصدور . وقيل كفيلاً يضمن لك أن يؤتيك ما أخذ منك . وقال الزمخشري : والمعنى إن شئنا ذهبنا بالقرآن ومحوناه عن الصدور والمصاحف ولم نترك له أثراً وبقيت كما كنت لا تدري ما الكتاب ثم لا تجد لك بهذا الذهاب من يتوكل علينا باسترداده وإعادته محفوظاً مسطوراً { إِلاَّ رَحْمَةً مّن رَّبّكَ } إلا أن يرحمك ربك فيرده عليك كان رحمته يتوكل عليه بالرد أو يكون على الاستثناء المنقطع بمعنى ولكن رحمة من ربك نتركه غير مذهوب به ، وهذا امتنان من الله تعالى ببقاء القرآن محفوظاً بعد المنة في تنزيله وتحفيظه انتهى . وعلى الاستثناء المنقطع خرجه ابن الأنباري وابن عطية . .
قال ابن الأنباري : لكن رحمة من ربك تمنع من أن تسلب القرآن ، وقال في زاد المسير المعنى لكن الله يرحمك فأثبت ذلك في قلبك . وقال ابن عطية : لكن { رَحْمَةً مّن رَّبّكَ } تمسك ذلك عليك وتخريج الزمخشري الأول جعله استثناء متصلاً جعل رحمته تعالى مندرجة تحت قوله تعالى { وَكِيلاً } . .
{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَاذَا الْقُرْءانِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } . .
لما ذكر تعالى إنعامه على نبيه صلى الله عليه وسلم ) بالنبوّة بإنزال وحيه عليه وباهر قدرته بأنه تعالى لو شاء لذهب بالقرآن ، ذكر ما منحه تعالى من الدليل على نبوته الباقي بقاء الدهر ، وهو القرآن الذي عجز العالم عن الإتيان بمثله ، وأنه من أكبر النعم والفضل الذي أبقى له ذكراً إلى آخر الدهر ورفع له قدراً به في الدنيا والآخرة ، وإذا كان فصحاء اللسان الذي نزل به وبلغاؤهم عجزوا عن الإتيان بسورة واحدة مثله فلأن يكونوا أعجز عن { أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ } جميعه ، ولو تعاون الثقلان عليه { لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ } الجنّ تفعل أفعالاً مستغربة كما حكى الله عنهم في قصة سليمان عليه السلام أدرجوا مع الإنس في التعجيز ليكون ذلك أبلغ في العجز ، ويحتمل أن تكون الملائكة مندرجين تحت لفظ الجن لأنه قد يطلق عليهم هذا الاسم كقوله { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً } وإن كان الأكثر استعماله في غير الملائكة من الأشكال الجنية المستترين عن أبصار الإنس ، ويحتمل أن يكون ذكر الجن هنا لأنه عليه السلام بعث إلى الإنس والجن فوقع التعجيز للثقلين معاً لذلك . .
وروي أن جماعة من قريش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) : جئنا بآية غريبة غير هذا القرآن فإنّا نحن نقدر على المجيء بمثل هذا ، فنزلت { وَلاَ يَأْتُونَ } جواب القسم المحذوف قبل اللام الموطئة في { لَئِنْ } وهي الداخلة على الشرط كقوله { لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ } فالجواب في نحو هذا للقسم المحذوف لا للشرط ، ولذلك جاء مرفوعاً . فأما قول الأعشى : % ( لئن منيت بنا عن غب معركة % .
لأتلفنا عن دماء القوم ننتفل فاللام في { لَئِنْ } زائدة وليست موطئة لقسم قبلها . فلذلك جزم في قوله لأتلفنا وقد احتج بهذا ونحوه الفراء في زعمه أنه إذا اجتمع القسم والشرط وتقدم القسم ولم يسبقهما ذو خبر أنه يجوز أن يكون الجواب للقسم وهو الأكثر وللشرط ، ومذهب البصريين يحتم الجواب للقسم خاصة . وذكر ابن عطية هنا فصلاً حسناً في ذكر الإعجاز نقلناه بقصته . قال : وفهمت