@ 69 @ الغسق وبقرآن الفجر ، فيكون المأمور به الصلاة في وقتين ولا تؤخذ أوقات الصلوات الخمس من هذا اللفظ بوجه . .
وقال أبو عبد الله الرازي في قوله { أَقِمِ الصَّلَواةَ } دلالة على أن الصلاة لا تتم إلاّ بالقراءة لأن الأمر على الوجوب ، ولا قراءة في ذلك الوقت واجبة إلا في الصلاة ومن قال معنى { أَقِمِ الصَّلَواةَ } صلاة الفجر غلط لأنه صرف الكلام عن حقيقته إلى المجاز بغير دليل ، ولأن في نسق التلاوة { وَمِنَ الَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ } ويستحيل التهجد بصلاة الفجر ليلاً . والهاء في { بِهِ } كناية عن { أَقِمِ الصَّلَواةَ } المذكور قبله ، فثبت أن المراد حقيقة القرآن لا مكان التهجد بالقرآن المقروء في صلاة الفجر واستحالة التهجد في الليل بصلاة الفجر ، وعلى أنه لو صح أن يكون المراد ما ذكروا لكانت دلالته قائمة على وجوب القراءة في الصلاة لأنه لم تجعل القراءة عبارة عن الصلاة إلا وهي من أركانها انتهى . وفيه بعض تلخيص والظاهر ندبية إيقاع صلاة الصبح في أول الوقت لأنه مأمور بإيقاع قرآن الفجر ، فكان يقتضي الوجوب أول طلوع الفجر ، لكن الإجماع منع من ذلك فبقي الندب لوجود المطلوبية ، فإذا انتفى وجوبها بقي ندبها وأعاد { أَقِمِ الصَّلَواةَ } في قوله { أَقِمِ الصَّلَواةَ لِدُلُوكِ } ولم يأت مضمراً فيكون أنه على سبيل التعظيم والتنويه بقرآن الفجر ومعنى { مَشْهُودًا } تشهده الملائكة حفظة الليل وحفظة النهار كما جاء في الحديث : ( إنهم يتعاقبون ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ) . وهذا قول الجمهور . وقيل يشهده الكثير من المصلين في العادة . وقيل : من حقه أن تشهده الجماعة الكثيرة . قال الزمخشري : ويجوز أن يكون { أَقِمِ الصَّلَواةَ } حثاً على طول القراءة في صلاة الفجر لكونها مكثوراً عليها ليسمع الناس القرآن فيكثر الثواب ، ولذلك كانت الفجر أطول الصلوات قراءة انتهى . ويعني بقوله حثاً أن يكون التقدير وعليك { أَقِمِ الصَّلَواةَ } أو والزم . .
وقال محمد بن سهل بن عسكر : { مَشْهُودًا } يشهده الله وملائكته ، وذكر حديث أبي الدرداء أنه تعالى ينزل في آخر الليل ولأبي عبد الله الرازي كلام في قوله { مَشْهُودًا } على عادته في تفسير كتاب الله على ما لا تفهمه العرب ، والذي ينبغي بل لا يعدل عنه ما فسره به الرسول صلى الله عليه وسلم ) من قوله فيه : ( يشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ) . وقال فيه الترمذي حديث حسن صحيح . .
ولما أمره تعالى بإقامة الصلاة للوقت المذكور ولم يدل أمره تعالى إياه على اختصاصه بذلك دون أمته ذكر ما اختصه به تعالى وأوجبه عليه من قيام الليل وهو في أمته تطوع . فقال : { وَمِنَ الَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ } أي بالقرآن في الصلاة { نَافِلَةً } زيادة مخصوصاً بها أنت وتهجد هنا تفعل بمعنى الإزالة والترك ، كقولهم : تأثم وتحنث ترك التأثم والتحنث ، ومنه تحنثت بغار حراء أي بترك التحنث ، وشرح بلازمه وهو التعبد { وَمِنْ } للتبعيض . وقال الحوفي : { مِنْ } متعلقة بفعل دل عليه معنى الكلام تقديره واسهر من الليل بالقرآن ، قال : ويجوز أن يكون التقدير وقم بعد نومة من الليل . وقال ابن عطية { وَمِنْ } للتبعيض التقدير وقتاً من الليل أي وقم وقتاً من الليل . وقال الزمخشري : { وَمِنَ الَّيْلِ } وعليك بعض الليل { فَتَهَجَّدْ بِهِ } والتهجد ترك الهجود للصلاة انتهى . فإن كان تفسيره وعليك بعض الليل تفسير معنى فيقرب ، وإن كان أراد صناعة النحو والإعراب فلا يصح لأن المغري به لا يكون حرفاً ، وتقدير من ببعض فيه مسامحة لأنه ليس بمرادفه البتة ، إذ لو كان مرادفه للزم أن يكون اسماً ولا قائل بذلك ، ألا ترى إجماع النحويين على أن واو مع حرف وإن قدّرت بمع ، والظاهر أن الضمير في { بِهِ } يعود على القرآن لتقدّمه في الذكر ، ولا تلحظ الإضافة فيه والتقدير { فَتَهَجَّدْ } بالقرآن في الصلاة . وقال ابن عطية : والضمير في { بِهِ } عائد على وقت المقدر في وقم وقتاً من الليل انتهى . فتكون الباء ظرفية أي { فَتَهَجَّدْ } فيه