@ 48 @ في علم النحو . .
و { الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } قالت فرقة منهم ابن عباس هي قول لا إله إلاّ الله . قال ابن عطية : ويلزم على هذا أن يكون قوله { لّعِبَادِىَ } يريد به جميع الخلق لأن جميعهم مدعو إلى لا إله إلاّ الله . ويجيء قوله بعد ذلك { إِنَّ الشَّيْطَانَ * يَنزِعُ * بَيْنَهُمْ } غير مناسب للمعنى إلاّ على تكبره بأن يجعل بينهم بمعنى خلالهم وأثناءهم ويجعل النزغ بمعنى الوسوسة والإملال . وقال الحسن يرحمك الله يغفر الله لك ، وعنه أيضاً الأمر بامتثال الأوامر واجتناب المناهي . وقيل القول للمؤمن يرحمك الله وللكافر هداك الله . وقال الجمهور : وهي المحاورة الحسنى بحسب معنى معنى . وقال الزمخشري : فسر { الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } بقوله : { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ } يعني يقول لهم هذه الكلمة ونحوها ولا تقولوا لهم أنكم من أهل النار وأنكم معذبون وما أشبه ذلك مما يغيظهم ويهيجهم على الشر . وقوله : { إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ } اعتراض بمعنى يلقي بينهم الفساد ويغري بعضهم على بعض ليقع بينهم المشارة والمشاقة . .
وقال أبو عبد الله الرازي ما ملخصه : إذا أردتم الحجة على المخالف فاذكروها بالطريق الأحسن وهو أن لا يخلط بالسب كقوله { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } { وَلاَ * تُجَادِلُواْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } وخلط الحجة بالسب سبب للمقابلة بمثله ، وتنفير عن حصول المقصود من إظهار الحجة وتأثيرها ، ثم نبه على هذا الطريق بقوله : { إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ } جامعاً للفريقين أي متى امتزجت الحجة بالإيذاء كانت الفتنة انتهى . وقرأ طلحة { يَنزَغُ } بكسر الزاي . قال أبو حاتم : لعلها لغة والقراءة بالفتح . وقال صاحب اللوامح : هي لغة . وقال الزمخشري : هما لغتان نحو يعرشون ويعرشون انتهى . ولو مثل بينطح وينطح كان أنسب وبين تعالى سبب النزغ وهي العداوة القائمة لأبيهم آدم قبلهم وقوله { ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } الآية وغيرها من الآيات الدالة على تسلطه على الإنسان وابتغاء الغوائل المهلكة له . والخطاب بقوله { رَبُّكُمْ } إن كان للمؤمنين فالرحمة الإنجاء من كفار مكة وأذاهم والتعذيب تسليطهم عليهم . .
{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ } أي على الكفار حافظاً وكفيلاً فاشتغل أنت بالدعوة وإنما هدايتهم إلى الله . وقيل : { يَرْحَمْكُمْ } بالهداية إلى التوفيق والأعمال الصالحة ، وإن شاء عذبكم بالخذلان وإن كان الخطاب للكفار فقال يقابل يرحمكم الله بالهداية إلى الإيمان ويعذبكم يميتكم على الكفر . وذكر أبو سليمان الدمشقي لما نزل القحط بالمشركين قالوا { رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ } فقال الله { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ } بالذي يؤمن من الذي لا يؤمن { إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ } فيكشف القحط عنكم { أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ } فيتركه عليكم . وقال ابن عطية : هذه الآية تقوي أن الآية التي قبلها هي ما بين العباد المؤمنين وكفار مكة ، وذلك أن قوله { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ } مخاطبة لكفار مكة بدليل قوله { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } فكأنه أمر المؤمنين أن لا يخاشنوا الكفار في الدين ثم قال إنه أعلم بهم ورجاهم وخوّفهم ، ومعنى { يَرْحَمْكُمْ } بالتوبة عليكم قاله ابن جريج وغيره انتهى . وتقدم من قول الزمخشري أن قوله { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ } هي من قول المؤمنين للكفار وأنه تفسير لقوله { الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } . .
وقال ابن الأنباري : { أَوْ } دخلت هنا لسعة الأمرين عند الله ولا يراد عنهما ، فكانت ملحقة بأو المبيحة