@ 45 @ وجولانها فيما هو أصلب من الحديد ، فبدأ أولاً بالصلب ثم ذكر على سبيل الترقي الأصلب منه ثم الأصلب من الحديد ، أي افرضوا ذواتكم شيئاً من هذه فإنه لا بد لكم من البعث على أي حال كنتم . وقال ابن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمر والحسن وابن جبير والضحاك الذي يكبر الموت ، أي لو كنتم الموت لأماتكم ثم أحياكم . وهذا التفسير لا يتم إلاّ إذا أريد المبالغة لا نفس الأمر ، لأن البدن جسم والموت عرض ولا ينقلب الجسم عرضاً ولو فرض انقلابه عرضاً لم يكن ليقبل الحياة لأجل الضدية . وقال مجاهد : الذي يكبر السموات والأرض والجبال ولما ذكر أنهم لو كانوا أصلب شيء وأبعده من حلول الحياة به كان خلق الحياة فيه ممكناً . قالوا : من الذي هو قادر على صيرورة الحياة فينا وإعادتنا فنبههم على ما يقتضي الإعادة ، وهو أن الذي أنشأكم واخترعكم أول مرة هو الذي يعيدكم و { الَّذِى } مبتدأ وخبره محذوف التقدير { الَّذِى فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } يعيدكم فيطابق الجواب السؤال ، ويجوز أن يكون فاعلاً أي يعيدكم الذي فطركم ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ ، أي معيدكم الذي فطركم و { أَوَّلَ مَرَّةٍ } ظرف العامل فيه { فَطَرَكُمْ } قاله الحوفي . .
{ فَسَيُنْغِضُونَ } أي يحركونها على سبيل التكذيب والاستبعاد ، ويقولون : متى هو ؟ أي متى العود ؟ ولم يقولوا ذلك على سبيل التسليم للعود . ولكن حيدة وانتقالاً لما لا يسأل عنه لأن ما يثبت إمكانه بالدليل العقلي لا يسأل عن تعيين وقوعه ، ولكن أجابهم عن سؤالهم بقرب وقوعه لا بتعيين زمانه لأن ذلك مما استأثر الله تعالى بعلمه ، واحتمل أن يكون في { عَسَى } إضمار أي { عَسَى } هو أي العود ، واحتمل أن يكون مرفوعها { أَن يَكُونَ } فتكون تامة . و { قَرِيبًا } يحتمل أن يكون خبر كان على أنه يكون العود متصفاً بالقرب ، ويحتمل أن يكون ظرفاً أي زماناً قريباً وعلى هذا التقدير يوم ندعوكم بدلاً من قريباً . .
وقال أبو البقاء : { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } ظرف ليكون ، ولا يجوز أن يكون ظرفاً لاسم كان وإن كان ضمير المصدر لأن الضمير لا يعمل انتهى . أما كونه ظرفاً ليكون فهذا مبنيّ على جواز عمل كان الناقصة في الظرف وفيه خلاف . وأما قوله لأن الضمير لا يعمل فهو مذهب البصريين ، وأما الكوفيون فيجيزون أن يعمل نحو مروري بزيد حسن وهو بعمرو وقبيح ، يعلقون بعمرو بلفظ هو أي ومروري بعمرو قبيح . والظاهر أن الدعاء حقيقة أي { يَدْعُوكُمْ } بالنداء الذي يسمعكم وهو النفخة الأخيرة كما قال { يَوْمٍ * يُنَادِى * وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } الآية ويقال : إن إسرافيل عليه السلام ينادي أيتها الأجسام البالية والعظام النخرة والأجزاء المتفرقة عودي كما كنت . وروي في الحديث أنه قال صلى الله عليه وسلم ) : ( إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم ، فأحسنوا أسماءكم ) . ومعنى { فَتَسْتَجِيبُونَ } توافقون الداعي فيما دعاكم إليه . وقال الزمخشري : الدعاء والاستجابة كلاهما مجاز ، والمعنى يوم يبعثكم فتنبعثون مطاوعين منقادين لا تمتنعون انتهى . والظاهر أن الخطاب للكفار إذ الكلام قبل ذلك معهم فالضمير لهم و { بِحَمْدِهِ } حال منهم . قال الزمخشري : وهي مبالغة في انقيادهم للبعث كقولك لمن تأمره بركوب ما يشق عليه فيتأبى ويمتنع ستركبه وأنت حامد شاكر ، يعني أنك تحمل عليه وتقسر قسراً حتى أنك تلين لين المسمح الراغب فيه الحامد عليه . وعن سعيد بن جبير ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون : سبحانك اللهم وبحمدك انتهى . وذلك لما ظهر لهم من قدرته