@ 33 @ وإثبات الواو والياء والألف مع الجازم لغة لبعض العرب وضرورة لغيرهم . وقرأ معاذ القارىء : { وَلاَ تَقْفُ } مثل تقل ، من قاف يقوف تقول العرب : قفت أثره وقفوت أثره وهما لغتان لوجود التصاريف فيهما كجبذ وجذب ، وقاع الجمل الناقة وقعاها إذا ركبها ، وليس قاف مقلوباً من قفا كما جوّزه صاحب اللوامح . وقرأ الجرّاح العقيلي : { وَالْفُؤَادَ } بفتح الفاء والواو قلبت الهمزة واواً بعد الضمة في الفؤاد ثم استصحب القلب مع الفتح وهي لغة في { الْفُؤَادُ } وأنكرها أبو حاتم وغيره وبه لا تتعلق بعلم لأنه يتقدّم معموله عليه . قال الحوفي : يتعلق بما تعلق به { لَكَ } وهو الاستقرار وهو لا يظهر وفي قوله : { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ } دليل على أن العلوم مستفادة من الحواس ومن العقول ، وجاء هذا على الترتيب القرآني في البداءة بالسمع ، ثم يليه البصر ، ثم يليه الفؤاد . و { أُوْلَائِكَ } إشارة إلى { السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ } وهو اسم إشارة للجمع المذكر والمؤنث العاقل وغيره . وتخيل ابن عطية أنه يختص بالعاقل . فقال : وعبر عن { السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ } بأولئك لأنها حواس لها إدراك ، وجعلها في هذه الآية مسؤولة فهي حالة من يعقل ، ولذلك عبر عنها بأولئك . وقد قال سيبويه رحمه الله في قوله تعالى : { رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ } إنما قال : رأيتهم في نجوم لأنه إنما وصفها بالسجود وهو من فعل من يعقل عبر عنها بكناية من يعقل . وحكى الزجاج أن العرب تعبر عمن يعقل وعما لا يعقل بأولئك ، وأنشد هو والطبري : .
.
) % .
ذمّ المنازل بعد منزلة اللوى .
والعيش بعد أولئك الأيام .
) % .
وأما حكاية أبي إسحاق عن اللغة فأمر يوقف عنده ، وأما البيت فالرواية فيه الأقوام انتهى . وليس ما تخيله صحيحاً ، والنحاة ينشدونه بعد أولئك الأيام ولم يكونوا لينشدوا إلاّ ما روي ، وإطلاق أولاء وأولاك وأولئك وأولالك على ما لا يعقل لا نعلم خلافاً فيه ، و { كُلٌّ } مبتدأ والجملة خبره ، واسم { كَانَ } عائد على { كُلٌّ } وكذا الضمير في { مَسْؤُولاً } . والضمير في { عَنْهُ } عائد على ما من قوله { مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } فيكون المعنى أن كل واحد من { السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ } يسأل عما لا علم له به أي عن انتفاء ما لا علم له به . وهذا الظاهر . وقال الزجاج : يستشهد بها كما قال { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ } . وقال القرطبي في أحكامه : يسأل الفؤاد عما اعتقده ، والسمع عما سمع ، والبصر عما رأى . وقال ابن عطية : إن الله تعالى يسأل سمع الإنسان وبصره وفؤاده عما قال مما لا علم له به ، فيقع تكذيبه من جوارحه وتلك غاية الخزي . وقيل : الضمير في { كَانَ } و { مَسْؤُولاً } عائدان على القائف ما ليس له به علم ، والضمير في { عَنْهُ } عائد على { كُلٌّ } فيكون ذلك من الالتفات إذ لو كان على الخطاب لكان التركيب كل أولئك كنت عنه مسؤولاً . .
وقال الزمخشري : و { عَنْهُ } في موضع الرفع بالفاعلية ، أي كل واحد منها كان مسؤولاً عنه ، فمسؤول مسند إلى الجار والمجرور كالمغضوب في قوله { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } يقال للإنسان : لم سمعت ما لا يحل لك سماعه ؟ ولم نظرت ما لم يحل لك النظر إليه ؟ ولم عزمت على ما لم