@ 9 @ ذلك قياساً { فَإِذَا جَآء وَعْدُ أُولَاهُمَا } أي موعد أولاهما لأن الوعد قد سبق ذلك والموعود هو العقاب . وقال الزمخشري : معناه وعد عقاب أولاهما . وقيل : الوعد بمعنى الوعيد . وقيل : بمعنى الموعد الذي يراد به الوقت ، والضمير في أولاهما عائد على المرتين . .
وقرأ الجمهور { عِبَادًا } وقرأ الحسن وزيد بن علي عبيداً . قال ابن غزاهم وقتادة جالوت من أهل الجزيرة . وقال ابن جبير وابن إسحاق غزاهم سنجاريب وجنوده ملك بابل . وقيل بختنصر ، وروي أنه دخل قبل في جيش من الفرس وهو حامل يسير في مطبخ الملك ، فاطلع من جور بني إسرائيل على ما لم يعلمه الفرس لأنه كان يداخلهم ، فلما انصرف الجيش ذكر ذلك للملك الأعظم ، فلما كان بعد مدة جعله الملك رئيس جيش وبعثه وخرب بيت المقدس وقتلهم أجلاهم ثم انصرف فوجد الملك قد مات فملك موضعه ، واستمرت حاله حتى ملك الأرض بعد ذلك . وقيل هم العمالقة وكان كفاراً . وقيل كان المبعوثون قوماً مؤمنين بعثهم الله وأمرهم بغزو بني إسرائيل والبعث هنا الإرسال والتسليط . وقال الزمخشري : معناه خلينا بينهم وبين ما فعلوه ولم نمنعهم على أن الله عز وعلا أسند بعث الكفرة إلى نفسه فهو كقوله : { وَكَذالِكَ نُوَلّى بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } وكقول الداعي : وخالف بين كلمتهم وأسند الجوس وهو التردّد خلال الديار بالفساد إليهم ، فتخريب المسجدة وإحراق التوراة من جملة الجوس المسند إليهم انتهى . وفي قوله خلينا بينهم وبين ما فعلوا دسيسة الاعتزال . .
وقال ابن عطية : { بَعَثْنَا } يحتمل أن يكون الله أرسل إلى ملك تلك الأمة رسولاً بأمره بغزو بني إسرائيل فتكون البعثة بأمر ، ويحتمل أن يكون عبر بالبعث عما ألقى في نفس الملك أي غزاهم انتهى . { أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ } أي قتال وحرب شديد لقوتهم ونجدتهم وكثرة عددهم وعُددهم . وقرأ الجمهور { فَجَاسُواْ } بالجيم . وقرأ أبو السمال وطلحة فحاسوا بالحاء المهملة . وقرىء فتجوسوا على وزن تكسروا بالجيم . وقرأ الحسن { خِلَالَ الدّيَارِ } واحداً ويجمع على خلل كجبل وجبال ، ويجوز أن يكون خلال مفرداً كالخلل وهو وسط الديار وما بينها ، والجمهور على أنه في هذه البعثة الأولى خرّب بيت المقدس ووقع القتل فيهم والجلاء والأسر . وعن ابن عباس ومجاهد : أنه حين غزوا جاس الغازون خلال الديار ولم يكن قتل ولا قتال في بني إسرائيل ، وانصرفت عنهم الجيوش . والضمير في { وَكَانَ } عائداً على وعد أولاهما . قال الزمخشري : وكان وعد العقاب وعداً لا بد أن يفعل انتهى . وقيل يعود على الجيوش { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ } هذا إخبار من الله لبني إسرائيل في التوراة ، وجعل { رَدَدْنَا } موضع نرد إذ وقت إخبارهم لم يقع الأمر بعد لكنه لما كان وعد الله في غاية الثقة أنه يقع عبر عن مستقبله بالماضي ، والكرة الدولة والغلبة على الذين بعثوا عليهم حتى تابوا ورجعوا عن الفساد ملكوا بيت المقدس قبل الكرة قبل بختنصر واستبقاء بني إسرائيل أسراهم وأموالهم ورجوع الملك إليهم ، وذكر في سبب ذلك أن ملكاً غزا أهل بابل وكان بختنصر قد قتل من بني إسرائيل أربعين ألفاً ممن يقرأ التوراة وأبقى بقيته عندهم ببابل في الدل ، فلما غزاهم ذلك الملك وغلب على بابل تزوج امرأة من بني إسرائيل فطلبت منه أن يرد بني إسرائيل إلى بيت المقدس ففعل ، وبعد مدة قامت فيهم الأنبياء فرجعوا إلى أحسن ما كانوا . وقيل : الكرة تقوية طالوت حتى حارب جالوت ونصر داود على قتل جالوت . وقال قتادة : كانوا أكثر شراً في زمان داود عليه السلام . وانتصب { نَفِيرًا } على التمييز . فقيل : النفير والنافر واحد وأصله من ينفر مع الرجل من عشيرته وأهل بيته قاله أبو مسلم . وقال الزجاج : يجوز أن يكون جمع نفر ككلب وكليب وعبد وعبيد ، وهم المجتمعون للمصير إلى الأعداء . وقيل : النفير مصدر أي أكثر خروجاً إلى الغزو كما في قول الشاعر : % ( فأكرم بقحطان من والد % .
وحمير أكرم بقوم نفيراً .
) %