@ 5 @ْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ } الآية وقال قتادة إلا ثماني آيات أنزلت بالمدينة وهي من قوله : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } إلى آخرهن . ومناسبة أول هذه السورة لآخر ما قبلها أنه تعالى لما أمره بالصبر ونهاه عن الحزن عليهم وأن يضيق صدره من مكرهم ، وكان من مكرهم نسبته إلى الكذب والسحر والسعر وغير ذلك مما رموه به ، أعقب تعالى ذلك بذكر شرفه وفضله واحتفائه به وعلو منزلته عنده ، وتقدّم الكلام على سبحان في البقرة . وزعم الزمخشري أنه علم للتسبيح كعثمان للرجل . وقال ابن عطية : ولم ينصرف لأن في آخره زائدتين وهو معرفة بالعلمية وإضافته لا تزيده تعريفاً انتهى . ويعنيان والله أعلم أنه إذا لم يضف كقوله : .
سبحان من علقمة الفاخر .
وأما إذا أضيف فلو فرضنا أنه علم لنوي تنكيره ثم يضاف وصار إذ ذاك تعريفه بالإضافة لا بالعلمية . .
{ * وأسرى } بمعنى سرى وليست الهمزة فيه للتعدية وعدّيا بالباء ولا يلزم من تعديته بالباء المشاركة في الفعل ، بل المعنى جعله يسرى لأن السرى يدل على الانتقال كمشى وجرى وهو مستحيل على الله تعالى ، فهو كقوله : { اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ } أي لأذهب سمعهم ، فأسرى وسرى على هذا كسقى وأسقى إذا كانا بمعنى واحد ، ولذلك قال المفسرون معناه سرى بعبده . وقال ابن عطية : ويظهران { أَسْرَى } معداة بالهمزة إلى مفعول محذوف تقديره أسرى الملائكة بعبده لأنه يقلق أن يسند أسرى وهو بمعنى سرى إلى الله تعالى إذ هو فعل يعطي النقلة كمشى وجرى وأحضر وانتقل ، فلا يحسن إسناد شيء من هذا ونحن نجد مندوحة فإذا صرحت الشريعة بشيء من هذا النحو كقوله في الحديث : ( أتيته سعياً وأتيته هرولة ) حمل ذلك بالتأويل على الوجه المخلص من نفي الحوادث ، و { أَسْرَى } في هذه الآية تخرج فصيحة كما ذكرنا ولا يحتاج إلى تجوز قلق في مثل هذه اللفظة فإنه ألزم للنقلة من أتيته وأتى الله بنيانهم انتهى . وإنما احتاج ابن عطية إلى هذه الدعوى اعتقاد أنه إذا كان أسرى بمعنى سرى لزم من كون الباء للتعدية مشاركة الفاعل للمفعول وهذا شيء ذهب إليه المبرد ، فإذا قلت : قمت بزيد لزم منه قيامك وقيام زيد عنده وهذا ليس كذلك ، التبست عنده باء التعدية بباء الحال ، فباء الحال يلزم فيه المشاركة إذ المعنى قمت ملتبساً بزيد وباء التعدية مرادفة للهمزة ، فقمت بزيد والباء للتعدية كقولك أقمت زيداً ولا يلزم من إقامتكه أن تقوم أنت . .
قال ابن عطية : ويحتمل أن يكون أسرى بمعنى سرى على حذف مضاف كنحو قوله تعالى : { ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ } يعني أن يكون التقدير أسرت ملائكته بعبده ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وهذا مبني على اعتقاد أنه يلزم المشاركة والباء للتعدية وأيضاً فموارد القرآن في فأسر بقطع الهمزة ووصلها يقتضي أنهما بمعنى واحد ، ألا ترى أن قوله : { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ } { وَأَنْ * أَسْرِ بِعِبَادِى } قرىء بالقطع والوصل ، ويبعد مع القطع تقدير مفعول محذوف إذ لم يصرح به في موضع ، فيستدل بالمصرح على المحذوف . والظاهر أن هذا الإسراء كان بشخصه ولذلك كذبت قريش به وشنعت عليه ، وحين قص ذلك على أم هانىء قالت : لا تحدث الناس بها فيكذبوك ولو كان مناماً استنكر ذلك وهو قول جمهور أهل العلم ، وهو الذي ينبغي أن يعتقد . وحديث الإسراء مروي في المسانيد عن الصحابة في كل أقطار الإسلام ، وذكر أنه رواه عشرون من الصحابة . قيل وما روي عن عائشة ومعاوية أنه كان مناماً فلعله لا يصح عنهما ، ولو صح لم يكن في ذلك حجة لأنهما لم