@ 476 @ بالكسر مضارع حرص بالفتح ، وهي لغة الحجاز . وقرأ الحرميان ، والعربيان ، والحسن ، والأعرج ، ومجاهد ، وشيبة ، وشبل ، ومزاحم الخراساني ، والعطاردي ، وابن سيرين : لا يهدي مبنياً للمفعول ، ومن مفعول لم يسم فاعله . والفاعل في يضل ضمير الله والعائد على من محذوف تقديره : من يضله الله . وقرأ الكوفيون ، وابن مسعود ، وابن المسيب ، وجماعة : يهدي مبنياً للفاعل . والظاهر أنّ في يهدي ضميراً يعود على الله ، ومن مفعول ، وعلى ما حكى الفراء أنّ هدى يأتي بمعنى اهتدى يكون لازماً ، والفاعل من أي لا يهتدي من يضله الله . وقرأت فرقة منهم عبد الله : لا يهدي بفتح الياء وكسر الهاء والدال . كذا قال ابن عطية ، ويعني : وتشديد الدال وأصله يهتدي ، فأدغم كقولك في : يختصم بخصم . وقرأت فرقة : يهدي بضم الياء وكسر الدال ، قال ابن عطية : وهي ضعيفة انتهى . وإذا ثبت أن هدى لازم بمعنى اهتدى لم تكن ضعيفة ، لأنه أدخل على اللازم همزة التعدية ، فالمعنى : لا يجعل مهتدياً من أضله ، وفي مصحف أُبي : لا هادي لمن أضل . وقال الزمخشري : وفي قراءة أبيّ فإنّ الله لا هادي لمن يضل ولمن أضل . وقرىء : يضل بفتح الياء ، وقال أيضاً : حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم ) على إيمان قريش ، وعرفه أنهم من قسم من حقت عليه الضلالة ، وأنه لا يهدي من يضل أي : لا يلطف بمن يخذل لأنه عبث ، والله تعالى متعالٍ عن العبث ، لأنه من قبيل القبائح التي لا تجوز عليه انتهى . وهو على طريقة الاعتزال . والضمير في لهم عائد على معنى من ، والضمير في وأقسموا عائد على كفار قريش . وعن أبي العالية : نزلت في رجل من المسلمين تقاضى ديناً على رجل من المشركين ، فكان فيما تكلم به المسلم الذي ادخره بعد الموت فقال المشرك ، وأنكر أنك تبعث بعد الموت ، وأقسم بالله لا يبعث الله من يموت ، بلى رد عليه ما نفاه ، وأكده بالقسم ، والتقدير : بلى يبعثه . وانتصب وعداً وحقاً على أنهما مصدران مؤكدان لما دل عليه بلى من تقدير المحذوف الذي هو يبعثه . وقال الحوفي : حقاً نعت لو عدا . وقرأ الضحاك : بلى وعد حق ، والتقدير : بعثهم وعد عليه حق ، وحق صفة لوعد . وقال الزمخشري : وأقسموا بالله معطوف على وقال الذين أشركوا ، إيذاناً بأنهما كفرتان عظيمتان موصوفتان حقيقتان بأن تحكيا وتدوّنا ، توريك ذنوبهم على مشيئة الله ، وإنكارهم البعث مقسمين عليه ، وبيّن أنّ الوفاء بهذا الموعد حق واجب عليه ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أنهم يبعثون ، أو أنه وعد واجب على الله لأنهم يقولون : لا يجب على الله شيء ، لا ثواب عامل ولا غيره من مواجب الحكمة انتهى . وهو على طريقة الاعتزال . وأكثر الناس هم الكفار المكذبون بالبعث . وأما قول الشيعة : إن الإشارة بهذه الآية إنما هي لعليّ بن أبي طالب ، وأن الله سيبعثه في الدنيا ، فسخافة من القول . والقول بالرجعة باطل وافتراء على الله على عادتهم ، رده ابن عباس وغيره . واللام في ليبين متعلقة بالفعل المقدر بعد بلى أي : نبعثهم ليبين لهم كما يقول الرجل : ما ضربت أحداً فيقول : بلى زيداً أي : ضربت زيداً . ويعود الضمير في يبعثهم المقدر ، وفي لهم على معنى من في قوله : من يموت ، وهو شامل للمؤمنين والكفار . والذي اختلفوا فيه هو الحق وأنهم كانوا كاذبين فيما اعتقدوا من جعل آلهة مع الله ، وإنكار النبوّات ، وإنكار البعث ، وغير ذلك مما أمروا به . وبين لهم أنه دين الله فكذبوا به وكذبوا في نسبة أشياء إلى الله تعالى . وقال الزمخشري : إنهم كذبوا في قولهم : لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء ، وفي قولهم : لا يبعث الله من يموت انتهى . وفي قولهم دسيسة الاعتزال . وقيل : تتعلق ليبين بقوله : ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً ، أي : ليظهر لهم اختلافهم ، وأنّ الكفار كانوا على ضلالة من قبل بعث ذلك الرسول ، كاذبون في رد ما يجيء به الرسل . .
{ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْء إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِى اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ * لَنُبَوّئَنَّهُمْ فِى الدُّنْيَا حَسَنَة وَلاَجْرُ الاْخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } : لما تقدّم إنكارهم البعث وأكدوا ذلك بالحلف بالله الذي أوجدهم ، ورد عليهم تعالى بقوله : { بَلَى } وذكر حقية وعده بذلك ، أوضح أنه تعالى متى تعلقت إرادته بوجود شيء أوجده . وقد أقروا بأنه تعالى خالق هذا العالم سمائة وأرضه ، وأن إيجاده ذلك لم يوقف على سبق مادّة ولا آلة ، فكما قدر على