@ 459 @ كثير من كفار قريش وغيرهم . وقريب من هذا القول قول الزجاج : هو ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم . وقيل : الأمر بعض أشراط الساعة . وأتى قيل : باق على معناه من المضي ، والمعنى : أقي أمر الله وعداً فلا تستعجلوه وقوعاً . وقيل : أتى أمر الله ، أتت مبادئه وأماراته . وقيل : عبر بالماضي عن المضارع لقرب وقوعه وتحققه ، وفي ذلك وعيد للكفار . وقرأ الجمهور : تستعجلوه بالتاء على الخطاب ، وهو خطاب للمؤمنين أو خطاب للكفار على معنى : قل لهم فلا تستعجلوه . وقال تعالى : { يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا } وقرأ ابن جبير : بالياء نهياً للكفار ، والظاهر عود الضمير في فلا تستعجلوه على الأمر لأنه هو المحدث عنه . وقيل : يعود على الله أي : فلا تستعجلوا الله بالعذاب ، أو بإتيان يوم القيامة كقوله : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ } وقرأ حمزة والكسائي : تشركون بتاء الخطاب ، وباقي السبعة والأعرج وأبوه جعفر ، وابن وضاح ، وأبو رجاء ، والحسن . وقرأ عيسى : الأولى بالتاء من فوق ، والثانية بالياء والتاء من فوق معاً ؛ الأعمش ، وأبو العالية ، وطلحة ، وأبو عبد الرحمن ، وابن وثاب ، والجحدري ، وما يحتمل أن تكون بمعنى الذي ومصدرية . وأفضل قراءته عما يشركون باستعجالهم ، لأن استعجالهم استهزاء وتكذيب ، وذلك من الشرك . وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : ينزل مخففاً ، وباقي السبعة مشدداً ، وزيد بن علي والأعمش وأبو بكر : تنزل مشدداً مبنياً للمفعول ، الملائكة بالرفع . والجحدري كذلك ، إلا أنه خفف . والحسن ، وأبو العالية ، والأعرج ، والمفضل ، عن عاصم ويعقوب : بفتح التاء مشدداً مبنياً للفاعل . وقرأ ابن أبي عبلة : ما ننزل بنون العظمة والتشديد ، وقتادة بالنون والتخفيف . قال ابن عطية : وفيهما شذوذ كثير انتهى . وشذوذهما أنّ ما قبله وما بعده ضمير غيبة ، ووجهه أنه التفات ، والملائكة هنا جبريل وحده قاله الجمهور ، أو الملائكة المشار إليهم بقوله : { وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً } وقال ابن عباس : الروح الوحي تنزل به الملائكة على الأنبياء ، ونظيره : { يُلْقِى الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } وقال الربيع بن أنس : هو القرآن ، ومنه { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا } وقال مجاهد : المراد بالروح أرواح الخلق ، لا ينزل ملك إلا ومعه روح . وقال الحسن وقتادة : الروح الرحمة . وقال الزجاج : ما معناه الروح الهداية لأنها تحيا بها القلوب ، كما تحيا الأبدان بالأرواح . وقيل : الروح جبريل ، ويدل عليه : { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاْمِينُ } وتكون الباء للحال أي : ملتبسة بالروح . وقيل : بمعنى مع ، وقيل : الروح حفظة على الملائكة لا تراهم الملائكة ، كما الملائكة حفظة علينا لا تراهم . وقال مجاهد أيضاً : الروح اسم ملك ، ومنه : { يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً } وعن ابن عباس : أنّ الروح خلق من خلق الله كصور ابن آدم ، لا ينزل من السماء ملك إلا ومعه واحد منهم ، وقال نحوه ابن جريج . قال ابن عطية : وهذا قول ضعيف لم يأت به سند . .
وقال الزمخشري : بالروح من أمره ، بما تحيا به القلوب الميتة بالجهل ، من وحيه أو بما يقوم في الدين مقام الروح في الجسد انتهى . ومِنْ للتبعيض ، أو لبيان الجنس . ومن يشاء : هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وأنْ مصدرية ، وهي التي من شأنها أن تنصب المضارع ، وصلت بالأمر كما وصلت في قولهم : كتبت إليه بأنْ قم ، وهو بدل من الروح . أو على إسقاط الخافض : بأن أنذروا ، فيجري الخلاف فيه : أهو في موضع نصب ؟ أو في موضع خفض ؟ وقال الزمخشري : وأن أنذروا بدلاً من الروح أي : ننزلهم بأن أنذروا ، وتقديره : أنذروا أي : بأن الشأن أقول لكم أنذروا . أنه لا إله إلا أنا انتهى . فجعلها المخفف من الثقيلة ، وأضمر اسمها وهو ضمير الشأن ، وقدر إضمار القول : حتى يكون الخبر جملة خبرية وهي أقول ، ولا حاجة إلى هذا التكلف مع سهولة كونها الشانية التي من شأنها نصب المضارع . وجوّز ابن عطية ، وأبو البقاء ، وصاحب الغنيان : أن تكون مفسرة فلا موضع لها من الإعراب ، وذلك لما في التنزل بالوحي من معنى القول أي : أعلموا الناس من نذرت بكذا إذا أعلمته . قال الزمخشري : والمعنى يقول لهم : أعلموا الناس قولي لا إله إلا أنا فاتقون انتهى . لما جعل أنْ هي التي حذف منها ضمير الشأن قدر هذا التقدير وهو يقول لهم : أعلموا . وقرىء : لينذروا أنه ، وحسنت النذارة هنا وإن لم يكن في اللفظ ما فيه خوف من حيث كان