@ 439 @ فيها الأشياء ، وأن للريح مكاناً ، وللمطر مكاناً ، ولكل مكان ملك وحفظه ، فإذا أمر الله بإخراج شيء منه أخرجته الحفظة . وقيل : المراد بالشيء هنا المطر ، قاله ابن جريج . .
وقرأ الأعمش : وما نرسله مكان وما ننزله ، والإرسال أعم ، وهي قراءة تفسير معنى لا أنها لفظ قرآن ، لمخالفتها سواد المصحف . وعن ابن عباس ، والحكم بن عيينة : أنه ليس عام أكثر مطراً من عام ، ولكنّ الله تعالى ينزله في مواضع دون مواضع . ولواقح جمع لاقح ، يقال : ريح لاقح جائيات بخير من إنشاء سحاب ماطر ، كما قيل للتي لا تأتي بخير بل بشر ريح عقيم ، أو ملاقح أي : حاملات للمطر . وفي صحيح البخاري : لواقح ملاقح ملقحة . وقال عبيد بن عمير : يرسل الله المبشرة تقم الأرض قمائم المثيرة ، فتثير السحاب . ثم المؤلفة فتؤلفه ، ثم يبعث الله اللواقح فتلقح الشجر . ومن قرأ بإفراد الريح فعلى تأويل الجنس كما قالوا : أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض ، وسقى وأسقى قد يكونان بمعنى واحد . وقال أبو عبيدة : من سقى الشفة سقى فقط ، أو الأرض والثمار أسقى ، وللداعي لأرض وغيرها بالسقيا أسقى فقط . وقال الأزهري : العرب تقول لكل ما كان من بطون الأنعام ، ومن السماء ، أو نهر يجري : أسقيته ، أي جعلته شرباً له ، وجعلت له منه مسقى . فإذا كان للشفة قالوا : سقى ، ولم يقولوا أسقى . وقال أبو علي : سقيته حتى روي ، وأسقيته نهراً جعلته شرباً له . وجاء الضمير هنا متصلاً بعد ضمير متصل كما تقدم في قوله : { أَنُلْزِمُكُمُوهَا } وتقدم أنّ مذهب سيبويه فيه وجوب الاتصال . وما أنتم له بخازنين أي : بقادرين على إيجاده ، تنبيهاً على عظيم قدرته ، وإظهار العجز . هم أي : لستم بقادرين عليه حين احتياجكم إليه . وقال سفيان : بخازنين أي بمانعين المطر . نحيي : نخرجه من العدم الصرف إلى الحياة . ونميت : نزيل حياته . ونحن الوارثون الباقون بعد فناء الخلق . والمستقدمين قال ابن عباس والضحاك : الأموات ، والمستأخرين الأحياء . وقال قتادة وعكرمة وغيرهما : المستقدمين في الخلق والمستأخرين الذين لم يخلقوا بعد . وقال مجاهد : المستقدمين من الأمم والمستأخرين أمة محمد صلى الله عليه وسلم ) . وقال الحسن وقتادة أيضاً : في الطاعة والخبر ، والمستأخرين بالمعصية والشر . وقال ابن جبير : في صفوف الحرب ، والمستأخرين فيه . وقيل : من قتل في الجهاد ، والمستأخرين من لم يقتل . وقيل : في صفوف الصلاة ، والمستأخرين بسبب النساء لينظروا إليهن . وقال قتادة أيضاً : السابقين إلى الإسلام والمتقاعسين عنه . والأولى حمل هذه الأقوال على التمثيل لا على الحصر ، والمعنى : أنه تعالى محيط علمه بمن تقدم وبمن تأخر وبأحوالهم ، ثم أعلم تعالى أنه يحشرهم . وقرأ الأعمش : يحشرهم بكسر الشين . وقال ابن عباس ومروان بن الحكم ، وأبو الحوراء : كانت تصلي وراء الرسول امرأة جميلة ، فبعض يتقدم لئلا تفتنه وبعض يتأخر ليسرق النظر إليها في الصلاة ، فنزلت الآية فيهم . وفصل هذه الآية بهاتين الصفتين من الحكمة والعلم في غاية المناسبة . .
( { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ * وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّى خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ ياإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ لَمْ أَكُن لاًّسْجُدَ لِبَشَر