@ 413 @ بينهم وبين شأنهم عند زللهم انتهى . وفيه دسيسة الاعتزال . .
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ * وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَادًا لّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ } : لم ذكر حال المؤمنين وهداهم ، وحال الكافرين وإضلالهم ، ذكر السبب في إضلالم . والذين بدلوا ظاهره أنه عام في جميع المشركين قاله الحسن ، بدلوا بنعمة الإيمان الكفر . وقال مجاهد : هم أهل مكة ، أنعم الله تعالى عليهم ببعثه رسولاً منهم يعلمهم أمر دينه وشرفهم به ، وأسكنهم حرمه ، وجعلهم قوام بيته ، فوضعوا مكان شكر هذه النعمة كفراً . وسأل ابن عباس عمر عنهم فقال : هما الأعراب من قريش أخوالي أي : بني مخزوم ، واستؤصلوا ببدر . وأعمامك أي : بني أمية ، ومتعوا إلى حين . وعن علي نحو من ذلك . وقال قتادة : هم قادة المشركين يوم بدر . وعن علي : هم قريش الذين تحزبوا يوم بدر . وعلى أنهم قريش جماعة من الصحابة والتابعين . وعن علي أيضاً : هم منافقو قريش أنعم عليهم بإظهار علم الإسلام بأن صان دماءهم وأموالهم وذراريهم ، ثم عادوا إلى الكفر . وعن ابن عباس : في جبلة بن الإيهم ، ولا يريد أنها نزلت فيه ، لأن نزول الآية قبل قصته ، وقصته كانت في خلافة عمر ، وإنما يريد ابن عباس أنها تخص من فعل فعل جبلة إلى يوم القيامة . .
ونعمة الله على حذف مضاف أي : بدلوا شكر نعمة الله كقوله : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } أي شكر رزقكم ، كأنه وجب عليهم الشكر كفوضعوا مكانه كفراً ، وجعلوا مكان شكرهم التكذيب . قال الزمخشري : ووجه آخر وهو أنهم بدلوا نفس النعمة بالكفر حاصلاً لهم الكفر بدل النعمة ، وهم أهل مكة أسكنهم الله حرمة ، وجعلهم قوام بيته ، وأكرمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ) ، فكفروا نعمة الله بدل ما ألزمهم من الشكر العظيم ، أو أصابهم الله بالنعمة والسعة لإيلافهم الرحلتين ، فكفروا نعمته ، فضربهم الله بالقحط سبع سنين ، فحصل لهم الكفر بدل النعمة ، وبقي الكفر طوقاً في أعناقهم انتهى . ونعمة الله هو المفعول الثاني ، لأنه هو الذي يدخل عليه حرف الجر أي : بنعمة الله ، وكفراً هو المفعول الأول كقوله : { فَأُوْلَئِكَ يُبَدّلُ اللَّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } أي بسيئاتهم حسنات . فالمنصوب هو الحاصل ، والمجرور بالباء أو المنصوب على إسقاطها هو الذاهب ، على هذا لسان العرب ، وهو على خلاف ما يفهمه العوام ، وكثير ممن ينتمي إلى العلم . وقد أوضحنا هذه المسألة في قوله في البقرة : { وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ } وإذا قدرت مضافاً محذوفاً وهو شكر نعمة الله ، فهو الذي دخلت عليه الباء ثم حذفت ، وإذا لم يقدر مضاف محذوف فالباء دخلت على نعمة ثم حذفت . وأحلوا قومهم أي : من تابعهم على الكفر . وزعم الحوفي وأبو البقاء أنّ كفراً هو مفعول ثان لبدلوا ، وليس بصحيح ، لأنّ بدل من أخوات اختار ، فالذي يباشره حرف الجر هو المفعول الثاني ، والذي يصل إليه الفعل بنفسه لا بواسطة حرف الجر هو المفعول الأول . وأعرب الحوفي وأبو البقاء : جهنم بدلاً من دار البوار ، والزمخشري عطف بيان ، فعلى هذا يكون الإحلال في الآخرة . ودار البوار جهنم ، وقاله : ابن زيد . وقيل : عن علي يوم بدر ، وعن عطاء بن يسار : نزلت في قتلى بدر ، فيكون دار البوار أي : الهلاك في الدنيا كقليب بدر وغيره من المواضع التي قتلوا فيه . وعلى هذا أعرب ابن عطية وأبو البقاء : جهنم منصوب على الاشتغال أي : يصلون جهنم يصلونها . ويؤيد هذا التأويل قراءة ابن أبي عبلة : جهنم بالرفع على أنه يحتمل أن يكون جهنم مرفوعاً على أنه خبر مبتدأ محذوف ، وهذا التأويل أولى ، لأنّ النصب على الاشتغال مرجوح من حيث أنه لم يتقدم ما يرجحه ، ولا ما يكون مساوياً ، وجمهور القراء على النصب . ولم يكونوا ليقرؤوا بغير الراجح أو المساوي ، إذ زيد ضربته