@ 410 @ هو من كلام الخزنة يوم ذاك . وقيل : من كلام الله تعالى . ولأبي عبد الله الرازي كلام هنا في الشيطان والملائكة يوقف عليه من تفسيره . .
{ وَأُدْخِلَ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ } : لما جمع الفريقين في قوله : { وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعًا } وذكر شيئاً من أحوال الكفار ، ذكر ما آل إليه أمر المؤمنين من إدخالهم الجنة . وقرأ الجمهور : وأدخل ماضينا مبنياً للمفعول . وقرأ الحسن ، وعمرو بن عبيد : وأدخل بهمزة المتكلم مضارع أدخل أي : وأدخل أنا . وعلى قراءة الجمهور يحتمل أن يكون الفاعل الملائكة ، والظاهر تعلق بإذن ربهم بأدخل . وقال الزمخشري : ( فإن قلت ) : فبم يتعلق يعني بإذن ربهم في القراءة الأخرى ، وقولك وأدخلهم أنا بإذن ربهم كلام غير ملئتم ؟ ( قلت ) : الوجه في هذه القراءة أن يتعلق قوله بإذن ربهم بما بعده أي : تحيتهم فيها سلام . بإذن ربهم يعني : أن الملائكة يحيونهم بإذن ربهم انتهى . فظاهر كلامه أنّ بإذن ربهم معمول لقوله : تحيتهم ، ولذلك قال : يعني أنّ الملائكة يحيونهم بإذن ربهم ، وهذا لا يجوز ، لأن فيه تقديم معمول المصدر المنحل بحرف مصدري والفعل عليه ، وهو غير جائز . وقال أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي الحسن : أدخل برفع اللام على الاستقبال بإخبار الله تعالى عن نفسه ، فيصير بذلك بإذن ربهم ألطف لهم وأحنى عليهم ، وتقدم تفسير { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ } في أوائل سورة يونس . .
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَاء * تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الامْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الاْرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ * يُثَبّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَفِى الاْخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء } : تقدم الكلام في ضرب مع المثل في أوائل البقرة ، فكان يغني ذلك عن الكلام فيه هنا ، إلا أنّ المفسرين أبدوا هنا تقديرات ، فأعرب الحوفي والمهدوي وأبو البقاء مثلاً مفعولا بضرب ، وكلمة بدل من مثلا . وإعرابهم هذا تريع ، على أنّ ضرب مثل لا يتعدى لا إلى مفعول واحد . وقال ابن عطية : وأجازه الزمخشري مثلا مفعول بضرب ، وكلمة مفعول أول تفريعاً على أنها مع المثل تتعدى إلى اثنين ، لأنها بمعنى جعل . وعلى هذا تكون كشجرة خبر مبتدأ محذوف أي : جعل كلمة طيبة مثلاً هي أي : الكلمة كشجرة طيبة ، وعلى البدل تكون كشجرة نعتاً للكلمة . وأجاز الزمخشري : وبدأ به أنْ تكون كلمة نصباً بمضمر أي : جعل كلمة طيبة كشجرة طيبة ، وهو تفسير لقوله : ضرب الله مثلاً ، كقولك : شرف الأمير زيداً كساه حلة ، وحمله على رس انتهى . وفيه تكلف إضمار لا ضرورة تدعو إليه . .
وقرىء شاذاً كلمة طيبة بالرفع . قال أبو البقاء : على الابتداء ، وكشجرة خبره انتهى . ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف والتقدير : هو أي المثل كلمة طيبة كشجرة ، وكشجرة نعت لكمة ، والكلمة الطيبة هي : لا له إلا الله قاله ان عباس ، أو الإيمان قاله مجاهد وابن جريج ، أو المؤمن نففسع قاله عطية العوفي والربيع ، أو جميع طاعاته أو القرآن قاله الأصم ، أو دعوة الإسلام قاله ابن بحر ، أو الثناء على الله أو التسبيح والتنزيه والشجرة الطيبة المؤمن قاله ابن عباس ، أو جوزة الهند قاله على وابن عباس ، أو شجرة في الجنة قاله ابن عباس أيضاً ، أو النخلة وعليه أكثر المتأولين وهو قول : ابن مسعود ، وابن عباس ، وأنس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، وابن زيد ، وجاء ذلك نصاً من حديث ابن عمر مما خرجه الدارقطني عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وذكر الآية فقال : ( أتدرون ما هي فوقع في نفسي أنها النخلة ) الحديث . وقال أبو العالية : أتيت أنس بن مالك فجيء بطبق عليه رطب فقال أنس : كل يا أبا العالية ، فإنها الشجرة الطيبة التي ذكرها الله في كتابه ثم قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بصاع بسر فتلا هذه الآية . وفي الترمذي من حديث أنس نحو هذا . وقال