@ 401 @ تعالى : { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } . ومقام يحتمل المصدر والمكان . فقال الفراء : مقامي مصدر أضيف إلى الفاعل أي : قيامي عليه بالحفظ لأعماله ، ومراقبتي إياه لقوله : { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى * نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } . وقال الزجاج : مكان وقوفه بين يدي للحساب ، وهو موقف الله الذي يقف فيه عباده يوم القيامة كقوله تعالى : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ } وعلى إقحام المقام أي لمن خافني . والظاهر أن الضمير في واستفتحوا عائد على الأنبياء : أي استنصروا الله على أعدائهم كقوله : { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ } ويجوز أن يكون الفتاحة وهي الحكومة ، أي : استحكموا الله طلبوا منه القضاء بينهم . واستنصار الرسل في القرآن كثير كقول نوح : { فَافْتَحْ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجّنِى } وقول لوط : { رَبّ نَّجِنِى وَأَهْلِى مِمَّا يَعْمَلُونَ } وقول شعيب : { رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقّ } وقول موسى : { رَبَّنَا إِنَّكَ ءاتَيْتَ فِرْعَوْنَ } الآية . وقول ابن زيد : الضمير عائد على الكفار أي : واستفتح الكفار على نحو ما قالت قريش : { عَجّل لَّنَا قِطَّنَا } وقول أبي جهل : اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعرف فاحنه الغداة . وكأنهم لما قوي تكذيبهم وأذاهم ولم يعاجلوا بالعقوبة ، ظنوا أن ما جاؤوا به باطل فاستفتحوا على سبيل التهكم والاستهزاء كقول قوم نوح : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } وقوم شعيب : { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً } وعاد : { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } وبعض قريش : { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً } . وقيل : الضمير عائد على الفريقين : الأنبياء ، ومكذبيهم ، لأنهم كانوا كلهم سألوا أن ينصر المحق ويبطل المبطل . ويقوي عود الضمير على الرسل خاصة قراءة ابن عباس ، ومجاهد ، وابن محيصن : واستفتحوا بكسر التاء ، أمراً للرسل معطوفاً على ليهلكن أي : أوحى إليهم ربهم وقال لهم : ليهلكن ، وقال لهم : استفتحوا أي : اطلبوا النصر وسلوه من ربكم . وقال الزمخشري : ويحتمل أن يكون أهل مكة قد استفتحوا أي استمطروا ، والفتح المطر في سني القحط التي أرسلت عليهم بدعوة الرسول فلم يسقوا ، فذكر سبحانه ذلك ، وأنه خيّب رجاء كل جبار عنيد ، وأنه يسقى في جهنم بدل سقياه ماء آخر وهو صديد أهل النار . واستفتحوا على هذا التفسير كلام مستأنف منقطع عن حديث الرسل وأممهم انتهى . وخاب معطوف على محذوف تقديره : فنصروا وظفروا . وخاب كل جبار عنيد وهم قوم الرسل ، وتقدم شرح جبار . والعنيد : المعاند كالخليط بمعنى المخالط على قول من جعل الضمير عائداً على الكفار ، كأن وخاب عطفاً على واستفتحوا . ومن ورائه قال أبو عبيدة وابن الأنباري أي : من بعده . وقال الشاعر : % ( حلفت فلم أترك لنفسك ريبة % .
وليس وراء الله للمرء مهرب .
) % .
وقال أبو عبيدة أيضاً ، وقطرب ، والطبري ، وجماعة : ومن ورائه أي ومن أمامه ، وهو معنى قول الزمخشري : من بين يديه . وأنشد : % ( عسى الكرب الذي أمسيت فيه % .
يكون وراء فرج قريب .
) %