@ 394 @ سواء كان من عذاب شديد في موضع الصفة لويل ، أم متعلقاً بفعل محذوف أي : يضجون ويولولون من عذاب شديد . ونظيره إذا كان صفة أن تقول : الدار لزيد الحسنة القرشي ، فهذا التركيب لا يجوز ، لأنك فصلت بين زيد وصفته بأجنبي منهما وهو صفة الدار ، والتركيب الفصيح أن تقول : الدار الحسنة لزيد القرشي ، أو الدار لزيد القرشي الحسنة وقرأ الحسن : ويصدون مضارع أصد ، الداخل عليه همزة النقل من صد اللازم صدوداً . وتقدم الكلام عل قوله تعالى : { وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا } في آل عمران ، وعلى وصف الضلال بالبعد قوله عز وجل : .
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِى مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } سبب نزولها أنّ قريشاً قالوا : ما بال الكتب كلها أعجمية وهذا عربي ؟ فنزلت . وساق قصة موسى أنه تعالى أرسله إلى قومه بلسانه ، أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ، كما أرسلك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور . والظاهر أن قوله : وما أرسلنا من رسول ، العموم فيندرج فيه الرسول عليه الصلاة والسلام . فإن كانت الدعوة عامة للناس كلهم ، أو اندرج في اتباع ذلك الرسول من ليس من قومه ، كان من لم تكن لغته لغة ذلك النبي موقوفاً على تعلم تلك اللغة حتى يفهمها ، وأن يرجع في تفسيرها إلى من يعلمها . وقيل : في الكلام حذف تقديره : وما أرسلنا من رسول قبلك إلا بلسان قومه ، وأنت أرسلناك للناس كافة بلسان قومك ، وقومك يترجمون لغيرهم بألسنتهم ، ومعنى بلسان قومه : بلغة قومه . .
وقرأ أبو السمال ، وأبو الجوزاء ، وأبو عمران الجوني : بلسن بإسكان السين ، قالوا : هو كالريش والرياش . وقال صاحب اللوامح : واللسن خاص باللغة ، واللسان قد يقع على العضو ، وعلى الكلام . وقال ابن عطية مثل ذلك قال : اللسان في هذه الآية يراد به اللغة ، ويقال : لسن ولسان في اللغة ، فأما العضو فلا يقال فيه لسن . وقرأ أبو رجاء ، وأبو المتوكل ، والجحدري : لسن بضم اللام والسين ، وهو جمع لسان كعماد وعمد . وقرىء أيضاً بضم اللام وسكون السين مخفف كرسل ورسل ، والضمير في قومه عائد على رسول أي : قوم ذلك الرسول . وقال الضحاك : والضمير في قومه عائد على محمد صلى الله عليه وسلم ) قال : والكتب كلها نزلت بالعربية ، ثم أداها كل نبي بلغة قومه . قال الزمخشري : وليس بصحيح ، لأنّ قوله : ليبين لهم ، ضمير القوم وهم العرب ، فيؤدي إلى أنّ الله أنزل التوراة من السماء بالعربية ليبين للعرب ، وهذا معنى فاسد انتهى . وقال الكلبي : جميع الكتب أدت إلى جبريل بالعربية ، وأمره تعالى أن يأتي رسول كل قوم بلغتهم . وأورد الزمخشري هنا سؤالاً وابن عطية أخرهما في كتابيهما ، ويقول : قامت الحجة على البشر بإذعان الفصحاء الذين يظن بهم القدرة على المعارضة وإقرارهم بالعجز ، كما قامت بإذعان السحرة لموسى ، والأطباء لعيسى عليهما السلام . وبين تعالى العلة في كون من أرسل من الرسل بلغة قومه وهي التبيين لهم ، ثم ذكر أنه تعالى يضل من يشاء إضلاله ، ويهدي من يشاء هدايته ، فليس على ذلك الرسول غير التبليغ والتبيين ، ولم يكلف أن يهدي بل ذلك بيد الله على ما سبق به قضاؤه وهو العزيز الذي لا يغالب ، الحكيم الواضع الأشياء على ما اقتضته حكمته وإرادته . وقال الزمخشري : والمراد بالإضلال التخلية ومنع الإلطاف ، وبالهداية التوفيق واللطف ، وكان ذلك كناية عن الكفر والإيمان ، وهو العزيز فلا يغلب على مشيئته ، الحكيم فلا يخذل إلا أهل الخذلان ، ولا يلطف إلا بأهل اللطف انتهى . وهو على طريقة