@ 383 @ نقل أنها لغة هوزان ، وابن الكلبي نقل أنها لغة لحي من النخع ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ . وقيل : إنما استعمل اليأس بمعنى العلم لتضمنه معناه ، لأنّ اليائس من الشيء عالم بأنه لا يكون ، كما استعمل الرجاء في معنى الخوف ، والنسيان في معنى الترك . وحمل جماعة هنا اليأس على المعروف فيه في اللغة وهو : القنوط من الشيء ، وتأولوا ذلك . فقال الكسائي : المعنى أفلم ييئس الذين آمنوا من إيمان الكفار من قريش المعاندين لله ورسوله ؟ وذلك أنه لما سألوا هذه الآيات اشتاق المؤمنون إليها وأحبوا نزولها ليؤمن هؤلاء الذين علم الله تعالى منهم أنهم لا يؤمنون ، فقال الذين آمنوا من إيمانهم . وقال الفراء : وقع للمؤمنين أن لو يشاء هدى الناس جميعاً فقال : أفلم ييأسوا ؟ علمنا بقول آبائهم ، فالعلم مضمر كما تقول في الكلام : يئست منك أن لا تفلح كأنه قال : علمته علماً قال : فيئست بمعنى علمت وإن لم يكن قد سمع ، فإنه يتوجه إلى ذلك بالتأويل . وقال أبو العباس : أفلم ييأسوا بعلمهم أن لا هداية إلا بالمشيئة ؟ وإيضاح هذا المعنى أن يكون : أن لو يشاء الله متعلقاً بآمنوا أي : أفلم يقنط عن إيمان هؤلاء الكفرة الذين آمنوا بأن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً ، ولهداهم إلى الإيمان أو الجنة . وقال ابن عطية : ةّويحتمل أن يكونن اليأس في هذه الآية على بابه ، وذلك أنه لما أبعد إيمانهم في قوله : ولو أن قرآناً الآية على التأويل في المحذوف المقدر . قال في هذه : أفلم ييأس المؤمنون انتهى . وهذا قول الفراء الذي ذكرناه ، وقال الزمخشري : ويجوز أن يتعلق أن لو يشاء الله بآمنوا على أو لم يقنط عن إيمان هؤلاء الكفرة الذين آمنوا بأن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً انتهى . وهذا قول أبي العباس ، ويحتمل عندي وجه آخر غير ما ذكروه ، وهو أن الكلام تام عند قوله : أفلم ييأس الذين آمنوا ، إذ هو تقرير أي : قد يئس المؤمنون من إيمان هؤلاء المعاندين . وأنْ لو يشاء جواب قسم محذوف أي : وأقسموا لو شاء الله لهدى الناس جميعاً ، ويدل على إضمار هذا القسم وجود أنْ مع لو كقول الشاعر : % ( أما والله أن لو كنت حرا % .
وما بالحر أنت ولا القمين .
) % .
وقول الآخر : % ( فاقسم أن لو التقينا وأنتم % .
لكان لنا يوم من الشر مظلم .
) % .
وقد ذكر سيبويه أنّ أن تأتي بعد القسم ، وجعلها ابن عصفور رابطة للقسم المقسم بالجملة عليها ، وأما على تأويل الجمهور فإن عندهم هي المخففة من الثقيلة أي : أنه لو يشاء الله . وقرأ علي وابن عباس قال الزمخشري وجماعة من الصحابة والتابعين ، وقال غيره ، وعكرمة ، وابن أبي مليكة ، والجحدري ، وعلي بن الحسين ، وابنه زيد ، وأبو زيد المزني ، وعلي بن نديمة ، وعبد الله بن يزيد : أفلم يتبين من بينت كذا إذا عرفته . وتدل هذه القراءة على أنّ معنى أفلم ييأس هنا معنى العلم ، كما تظافرت النقول أنها لغة لبعض العرب . وهذه القراءة ليست قراءة تفسير لقوله : أفلم ييأس ، كما يدل عليه ظاهر كلام الزمخشري ، بل هي قراءة مسندة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ) ، وليست مخالفة للسواد إذ كتبوا ييئس بغير صورة الهمزة ، وهذا كقراءة : { فَتَبَيَّنُواْ } و { * فتثبتوا } وكلتاهما في السبعة . وأما قول من قال : إنما كتبه الكاتب وهو ناعس ، فسوى أسنان السين فقول زنديق ملحد . وقال الزمخشري : وهذا ونحوه مما لا يصدق في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وكيف يخفى مثل هذا حتى يبقى ثابتاً بين دفتي الإمام ، وكان