@ 342 @ قبة من قباب الملوك التي تحمل على البغال أو الإبل ، فحين دخلوا إليه آوى إليه أبويه وقال : ادخلوا مصر ، ورفع أبويه . وخروا له ، والضمير في وخروا عائد على أبويه وعلى إخوته . وقيل : الضمير في وخروا عائد على إخوته وسائر من كان يدخل عليه لأجل هيبته ، ولم يدخل في الضمير أبواه ، بل رفعهما على سرير ملكة تعظيماً لهما . وظاهر قوله : وخروا له سجداً أنه السجود المعهود ، وأن الضمير في له عائد على يوسف لمطابقة الرؤيا في قوله : { إِنّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا } الآية وكان السجود إذ ذاك جائزاً من باب التكريم بالمصافحة ، وتقبيل اليد ، والقيام مما شهر بين الناس في باب التعظيم والتوقير . وقال قتادة : كانت تحية الملوك عندهم ، وأعطى الله هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة . وقيل : هذا السجود كان إيماء بالرأس فقط . وقيل : كان كالركوع البالغ دون وضع الجبهة على الأرض . ولفظة وخروا تأبى هذين التفسرين . قال الحسن : الضمير في له عائد على الله أي : خروا الله سجداً شكراً على ما أوزعهم من هذه النعمة ، وقد تأول قوله : رأيتهم لي ساجدين ، على أن معناه رأيتهم لأجلي ساجدين . وإذا كان الضمير ليوسف فقال المفسرون : كان السجود تحية لا عبادة . وقال أبو عبد الله الداراني : لا يكون السجود إلا لله لا ليوسف ، ويبعد من عقله ودينه أن يرضي بأن يسجد له أبوه مع سابقته من صون أولاده ، والشيخوخة ، والعلم ، والدين ، وكمال النبوة . وقيل : الضمير وإن عاد على يوسف فالسجود كان لله تعالى ، وجعلوا يوسف قبلة كما تقول : صليت للكعبة ، وصليت إلى الكعبة ، وقال حسان : % ( ما كنت أعرف أن الدهر منصرف % .
عن هاشم ثم عنها عن أبي حسن أليس أول من صلى لقبلتكموأعرف الناس بالأشياء والسنن .
) % .
وقيل : السجود هنا التواضع ، والخرور بمعنى المرور لا السقوط على الأرض لقوله : { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكّرُواْ بِئَايَاتِ رَبّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } أي لم يمروا عليها . وقال ثابت : هذا تأويل رؤياي من قبل أي : سجودكم هذا تأويل ، أي : عاقبة رؤياي أنّ تلك الكواكب والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين : ومن قبل متعلق برؤياي ، والمحذوف في من قبل تقديره : من قبل هذه الكوائن والحوادث التي جرت بعد رؤياي . ومن تأول أنّ أبويه لم يسجدا له زعم أن تعبير الرؤيا لا يلزم أن يكون مطابقاً للرؤيا من كل الوجوه ، فسجود الكواكب والشمس والقمر يعبر بتعظيم الأكابر من الناس . ولا شك أن ذهاب يعقوب عليه السلام مع ولده من كنعان إلى مصر لأجل يوسف نهاية في التعظيم له ، فكفى هذا القدر في صحة الرؤيا وعن ابن عباس : أنه لما رأى سجود أبويه وأخوته هاله ذلك واقشعر جلده منه . وقال ليعقوب : هذا تأويل رؤياي من قبل ، ثم ابتدأ يوسف عليه السلام بتعديد نعم الله عليه فقال : قد جعلها ربي حقاً أي : صادقة ، رأيت ما يقع في في المنام يقظة ، لا باطل فيها ولا لغو . وفي المدة التي كانت بين رؤياه وسجودهم خلاف متناقض . قيل : ثمانون سنة ، وقيل : ثمانية عشر عاماً . وقيل : غير ذلك من رتب العدد . وكذا المدة التي أقام يعقوب فيها بمصر عند ابنه يوسف خلاف متناقض ، وأحسن أصله أن يتعدى بإلى قال : { وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ } وقد يتعدى بالباء قال تعالى : { وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً } كما يقال أساء إليه ، وبه قال الشاعر : % ( أسيء بنا أو أحسني لا ملومة % .
لدينا ولا مقلية إن تقلت .
) % .
وقد يكون ضمن أحسن معنى لطف ، فعداه بالباء ، وذكر إخراجه من السجن وعدل عن إخراجه من الجب صفحاً