@ 340 @ رأيه ، ولا يقال : عجوز مفندة ، لأن المرأة لم يكن لها رأي قط أصيل فيدخله التفنيد . وقال معناه الزمخشري قال : التفنيد النسبة إلى الفند وهو الخوف وإنكارالعقل ، من هرم يقال : شيخ مفند ، ولا يقال عجوز مفندة ، لأنها لم تكن في شبيبتها ذات رأي فنفند في كبرها ، ولولا هنا حرف امتناع لوجود ، وجوابها محذوف . قال الزمخشري : المعنى لولا تفنيدكم إياي لصدقتموني انتهى . وقد يقال : تقديره لولا أن تفندوني لأخبرتكم بكونه حياً لم يمت ، لأن وجداني ريحه دال على حياته . والمخاطب بقوله : تفندون ، الظاهر من تناسق الضمائر أنه عائد على من كان بقي عنده من أولاده غير الذين راحوا يمتارون ، إذ كان أولاده جماعة . وقيل : المخاطب ولد ولده ومن كان بحضرته من قرابته . والضلال هنا لا يراد به ضد الهدى والرّشاد ، قال ابن عباس : المعنى إنك لفي خطئك ، وكان حزن يعقوب قد تجدد بقصة بنيامين ، ولذلك يقال له : ذو الحزنين . وقال مقاتل : الشقاء والعناء . وقال ابن جبير : الجنون ، ويعني والله أعلم غلبة المحبة . وقيل : الهلاك والذهاب من قولهم : ضل الماء في اللبن أي : ذهب فيه . وقيل : الحب ، ويطلق الضلال على المحبة . وقال ابن عطية : ذلك من الجفاء الذي لا يسوغ لهم مواجهته به ، وقد تأوله بعض الناس على ذلك ، ولهذا قال قتادة : قالوا لوالدهم كلمة غليظة لم يكن ينبغي لهم أن يقولوها لوالدهم ، ولا لنبي الله صلى الله عليه وسلم ) . وقال الزمخشري : لفي ذهابك عن الصواب قدماً في إفراط محبتك ليوسف ، ولهجك بذكره ، ورجاءك لقاءه ، وكان عندهم أنه قد مات . روي عن ابن عباس أنّ البشير كان يهوذا ، لأنه كان جاء بقميص الدم . وقال أبو الفضل الجوهري : قال يهوذا لإخوته : قد علمتم أني ذهبت إليه بقميص القرحة ، فدعوني أذهب إليه بقميص الفرحة فتركوه ، وقال هذا المعنى : السدي . وأن تطرد زيادتها بعد لما ، والضمير المستكن في ألقاه عائد على البشير ، وهو الظاهر ، هو لقوله : فألقوه . وقيل : يعود على يعقوب ، والظاهر أنه أريد الوجه كله كما جرت العادة أنه متى وجد الإنسان شيئاً يعتقد فيه البركة مسح به وجهه . وقيل : عبر بالوجه عن العينين لأنهما فيه . وقيل : عبر بالكل عن البعض . وارتدَّ عدّه بعضهم في أخوات كان ، والصحيح أنها ليست من أخواتها ، فانتصب بصيراً على الحال والمعني : أنه رجع إلى حالته الأولى من سلامة البصر . ففي الكلام ما يشعر أنّ بصره عاد أقوى مما كان عليه وأحسن ، لأنّ فعيلاً من صيغ المبالغة ، وما عدل من مفعل إلى فعيل إلا لهذا المعنى انتهى . وليس كذلك لأنّ فعيلاً هنا ليس للمبالغة ، إذ فعيل الذي للمبالغة هو معدول عن فاعل لهذا المعنى . وأما بصيراً هنا فهو اسم فاعل من بصر بالشيء ، فهو جار على قياس فعل نحو ظرف فهو ظريف ، ولو كان كما زعم بمعنى مبصر لم يكن للمبالغة أيضاً ، لأنّ فعيلاً بمعنى ليس للمبالغة نحو : أليم وسميع بمعنى مؤلم ومسمع . وروي أن يعقوب سأل البشيركيف يوسف ؟ قال : ملك مصر . قال : ما أصنع بالملك ؟ قال : على أي دين تركته ؟ قال : على الإسلام ، قال : الآن تمت النعمة . وقال الحسن : لم يجد البشير عند يعقوب شيئاً ببيته به وقال : ما خبرنا شيئاً منذ سبع ليال ، ولكن هون الله عليك سكرات الموت . وقال الضحاك : رجع إليه بصره بعد العمى ، والقوة بعد الضعف ، والشباب بعد الهرم ، والسرور بعد الكرب . والظاهر أن قوله : إني أعلم ، محكي بالقول ويريد به إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله ، وأعلم من الله ما لا تعلمون . فقيل : ما لا تعلمون من حياة يوسف ، وأن الله يجمع بيننا وبينه . وقيل : من صحة رؤيا يوسف عليه السلام ، وقيل : من بلوى الأنبياء بالحزن ، ونزول الفرج ، وقيل : من أخبار ملك الموت إياي ، وكان أخبره أنه لم يقبض روحه . وقال ابن عطية : ما لا تعلمون هو انتظاره لتأويل الرؤيا ، ويحتمل أن يشير إلى حسن ظنه بالله فقط . وقال الزمخشري : ألم أقل لكم يعني قوله : إني لأجد ريح يوسف ، أو قوله : ولا تيأسوا من روح الله . وقوله إني أعلم ، كلام مبتدأ لم يقع عليه القول انتهى . وهو خلاف الظاهر الذي قدمناه . ولما رجع إليه بصره وقرت عينه بالمسير إلى ابنه يوسف ، وقررهم على قوله : ألم أقل لكم طلبوا منه أن يستغفر لهم الله لذنوبهم ، واعترفوا بالخطأ السابق منهم ، وسوف أستغفر لكم : عدة لهم بالاستغفار بسوف ، وهي أبلغ في التنفيس من السين . فعن ابن