@ 310 @ لغتان بمعنى واحد . وقرىء في السبعة : نسقيكم ونسقيكم . وقال صاحب اللوامح : سقى وأسقى بمعنى واحد في اللغة ، والمعروف أن سقاه ناوله ليشرب ، وأسقاه جعل له سقياً . ونسب ضم الفاء لعكرمة والجحدري ، ومعنى ربه . سيده . وقال ابن عطية : وقرأ عكرمة والجحدري : فيسقي ربه خمراً بضم الياء وفتح القاف ، أي ما يرويه . وقال الزمخشري : وقرأ عكرمة فيسقى ربه ، فيسقى ما يروى به على البناء للمفعول ، ثم أخبرهما يوسف عليه السلام عن غيب علمه من قبل الله أنّ الأمر قد قضى ووافق القدر ، وسواء كان ذلك منكما حلم ، أو تحالم . وأفرد الأمر وإن كان أمر هذا ، لأنّ المقصود إنما هو عاقبة أمرهما الذي أدخلا به السجن ، هو اتهام الملك إياهما بسمه ، فرأيا ما رأيا ، أو تحالما بذلك ، فقضيت وأمضيت تلك العاقبة من نجاة أحدهما ، وهلاك الآخر . وقال أي : يوسف للذي ظن : أي أيقن هو أي يوسف : إنه ناج وهو الساقي . ويحتمل أن يكون ظن على بابه ، والضمير عائد على الذي وهو الساقي أي : لما أخبره يوسف بما أخبره ، ترجح عنده أنه ينجو ، ويبعد أن يكون الظن على بابه ، ويكون مسنداً إلى يوسف على ما ذهب إليه قتادة والزمخشري . قال قتادة : الظن هنا على بابه ، لأن عبارة الرؤيا ظن . وقال الزمخشري : الظان هو يوسف عليه السلام إن كان تأويله بطريق الاجتهاد فيبعد ، لأنه قوله : قضي الأمر ، فيه تحتم ما جرى به القدر وإمضاؤه ، فيظهر أن ذلك بطريق الوحي ، إلا أن حمل قضي الأمر على قضى كلامي ، وقلت ما عندي ، فيجوز أن يعود على يوسف . فالمعنى أن يوسف عليه السلام قال لساقي الملك حين علم أنه سيعود إلى حالته الأولى مع الملك : اذكرني عند الملك أي : بعلمي ومكانتي وما أنا عليه مما آتاني الله ، أو اذكرني بمظلمتي وما امتحنت به بغير حق . وهذا من يوسف على سبيل الاستعانة والتعاون في تفريج كربه ، وجعله بإذن الله وتقديره سبباً للخلاص كما جاء عن عيسى عليه السلام : { مَنْ أَنصَارِى إِلَى اللَّهِ } وكما كان الرسول يطلب من يحرسه . والذي أختاره أن يوسف إنما قال لساقي الملك : اذكرني عند ربك ليتوصل إلى هدايته وإيمانه بالله ، كما توصل إلى إيضاح الحق للساقي ورفيقه . والضمير في فأنساه عائد على الساقي ، ومعنى ذكر ربه : ذكر يوسف لربه ، والإضافة تكون بأدنى ملابسة . وإنساء الشيطان له بما يوسوس إليه من اشتغاله حتى يذهل عما قال له يوسف ، لما أراد الله بيوسف من إجزال أجره بطول مقامه في السجن . ويضع سنين مجمل ، فقيل : سبع ، وقيل : اثنا عشر . والظاهر أن قوله : فلبث في السجن ، إخبار عن مدّة مقامه في السجن ، منذ سجن إلى أن أخرج . وقيل : هذا اللبث هو ما بعد خروج الفتيين وذلك سبع . وقيل : سنتان . وقيل : الضمير في أنساه عائد على يوسف . ورتبوا على ذلك أخباراً لا تليق نسبتها إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . .
{ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنّى أَرَى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يأَيُّهَا * أَيُّهَا * الْمَلا أَفْتُونِى فِى رُؤْيَاىَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ * قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الاْحْلَامِ بِعَالِمِينَ } : لما دنا فرج يوسف عليه السلام رأى ملك مصر الرّيان بن الوليد رؤيا عجيبة هالته ، فرأى سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس ، وسبع بقرات عجاف ، فابتلعت العجاف السمان . ورأى سبع سنبلات خضر قد انعقد حبها ، وسبعاً أخر يابسات قد استحصدت وأدركت ، فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها ، فلم يجد في قومه من يحسن عبارتها . أرى : يعني في منامه ، ودل على ذلك : أفتوني في رؤياي . وأرى حكاية حال ، فلذلك جاء بالمضارع دون رأيت . وسمان صفة لقوله : بقرات ، ميز العدد بنوع من البقرات وهي السمان منهن لا يحسنهن . ولو نصب صفة لسبع لكان التمييز بالجنس لا بالنوع ، ويلزم من وصف البقرات بالسمن وصف السبع به ، ولا يلزم من وصف السبع به وصف الجنس به ، لأنه يصير المعنى سبعاً من البقرات سماناً . وفرق بين قولك : عندي ثلاث رجال كرام ، وثلاث رجال كرام ، لأن المعنى في الأول ثلاثة من الرجال الكرام ، فيلزم كرم الثلاثة لأنهم بعض من الرجال الكرام . والمعنى في الثاني : ثلاثة من الرجال كرام ، فلا يدل على وصف الرجال بالكرم . ولم يضف سبع إلى عجاف لأن اسم العدد لا