@ 249 @ الزمخشري : وفي إخراجها مع أهله روايتان : روي أنه أخرجها معهم وأمر أن لا يلتفت منهم أحد إلا هي ، فلما سمعت هدّة العذاب التفتت وقالت : واقوماه ، فأدركها حجر فقتلها . وروي أنه أمر بأن يخلفها مع قومها ، وأن هواها إليهم ، ولم يسر بها . واختلاف القراءتين لاختلاف الروايتين انتهى . وهذا وهم فاحش إذ بنى القراءتين على اختلاف الروايتين من أنه سري بها ، أو أنه لم يسر بها ، وهذا تكاذب في الأخبار يستحيل أن تكون الفراءتان وهما من كلام الله تترتبان على التكاذب . وقيل في الاستثناء من الأهل إشكال من جهة المعنى ، إذ يلزم أن لا يكون سري بها ، ولما التفتت كانت قد سرت معهم قطعاً ، وزال هذا الإشكال أن يكون لم يسر بها ، ولكنها لما تبعتهم التفتت . وقيل : الذي يظهر أن الاستثناء على كلتا القراءتين منقطع ، لم يقصد به إخراجها من المأمور بالإسراء بهم ، ولا من المنهيين عن الالتفات ، ولكن استؤنف الأخبار عنها ، فالمعنى : لكن امرأتك يجري لها كذا وكذا . ويؤيد هذا المعنى أن مثل هذه الآية جاءت في سورة الحجر ، وليس فيها استثناء ألبتة قال تعالى : فاسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون ، فم تقع العناية في ذلك إلا بذكر من أنجاهم الله تعالى . فجاء شرح حال امرأته في سورة هود تبعاً لا مقصوداً بالإخراج مما تقدم ، وإذا اتضح هذا المعنى علم أن القراءتين وردتا على ما تقتضيه العربية في الاستثناء المنقطع ، ففيه النصب والرفع . فالنصب لغة أهل الحجاز وعليه الأكثر ، والرفع لبني تميم وعليه اثنان من القرّاء انتهى . وهذا الذي طول به لا تحقيق فيه ، فإنه إذا لم يقصد إخراجها من المأمور بالإسراء بهم ولا من المنهييين عن الالتفات ، وجعل استثناء منقطعاً كان الاستثناء المنقطع الذي لم يتوجه عليه العامل بحال ، وهذا النوع من الاستثناء المنقطع يجب فيه النصب بإجماع من العرب ، وليس فيه النصب والرفع باعتبار اللغتين ، وإنما هذا في الاستثناء المنقطع ، وهو الذي يمكن توجه العامل عليه . وفي كلا النوعين يكون ما بعد إلا من غير الجنس المستثنى منه ، فكونه جاز فيه اللغتان دليل على أنه مما يمكن أن يتوجه عليه العامل ، وهو قد فرض أنه لم يقصد بالاستثناء إخراجها عن المأمور بالإسراء بهم ، ولا من المنهيين عن الالتفات ، فكان يجب فيه إذذاك النصب قولاً واحداً . والظاهر أن قوله ولا يلتفت ، من التفات البصر . وقالت فرقة : من لفت الشيء يلفته إذا ثناه ولواه ، فمعناه : ولا يتثبط . وفي كتاب الزهراوي أنّ المعنى : ولا يلتفت أحد إلى ما خلف بل يخرج مسرعاً . والضمير في أنه ضميرالشأن ، ومصيبها مبتدأ ، وما أصابهم الخبر . ويجوز على مذهب الكوفيين أن يكون مصيبها خبر إن ، وما أصابهم فاعل به ، لأنهم يجيزون أنه قائم أخواك . ومذهب البصريين أنّ ضمير الشان لا يكون خبره إلا جملة مصرحاً بجزءيها ، فلا يجوز هذا الإعراب عندهم . .
وقرأ عيسى بن عمر : الصيح بضم الباء . قيل : وهي لغة ، فلا يكون ذلك اتباعاً وهو على حذف مضاف أي : إنّ موعد هلاكهم الصبح . ويروى أن لوطاً عليه السلام قال : أريد أسرع من ذلك ، فقالت له الملائكة : أليس الصبح بقريب ؟ وجعل الصبح ميقاتاً لهلاكهم ، لأنّ النفوس فيه أودع ، والراحة فيه أجمع . ويروى أن لوطاً خرج بابنتيه ليس معه غيرهما عند طلوع الفجر ، وطوى الله له الأرض في وقته حتى نجا ، ووصل إلى إبراهيم عليهما السلام . والضمير في عاليها عائد على مدائن قوم لوط ، جعل جبريل جناحه في أسفلها ثم رفعها إلى السماء ، حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة ، ثم قلبها عليهم ، وأتبعوا الحجارة من فوقهم وهي المؤتفكات سبع مدائن . وقيل : خمس عدّها المفسرون ، وفي ضبطها إشكال ، فأهملت ذكرها . وسدوم في القرية العظمى ، وأمطرنا عليها أي على أهلها . وروي أن الحجارة أصابت منهم من كان خارج مدنهم حتى قتلتهم أجمعين ، وأنّ رجلاً كان في الحرم فبقي الحجر معلقاً في الهواء حتى خرج من الحرم فقتله الحجر . قال أبو العالية ، وابن زيد : السجيل اسم لسماء الدنيا ، وهذا ضعيف لوصفه بمنضود ، وتقدم شرحه في المفردات . وقيل : من أسجله إذا